لبعض الدول العربية ومنها اليمن استثمارات زراعية في السودان وفي غير السودان مثل السعودية ومصر والإمارات.. وحصلت على عقود مع حكومات الخرطوم وكمبالا ومدغشقر لزراعة مساحات كبيرة بالقمح لمواجهة الطلب المتزايد لتزايد عدد السكان وحدوث تقلبات طبيعية وسياسية في الدول المنتجة الرئيسية وهي الولاياتالمتحدة وكندا واستراليا وفرنسا. ومن المعلوم ان الأوضاع غير المستقرة ان لم تكن درامية في الشرق الأوسط والقرن الأفريقي وجنوب الصحراء الكبرى وفي غرب وجنوب السودان إضافة إلى ما تشهده دول أمريكا اللاتينية التي ظهرت فيها أنظمة مناوئة لسياسة وتدخلات الولاياتالمتحدة، واستغلال شركاتها النفطية والاقتصادية لموارد وثروات أكثر من دولة لاتينية أخذت بدءاً من فنزويلا تجاهر بمناهضة الوجود الأمريكي العسكري والتجاري والاقتصادي إلى درجة أنه تم تأميم شركات وبنوك أمريكية فيها، واعلان الاشتراكية بدون تحفظ. تلك الأوضاع تحولت إلى فرص غربية أمريكية للتدخل ضد الاستثمارات الزراعية العربية في الدول التي ذكرناها بحجة أنها تنتقص من سيادتها وتلحق الأذى بالمزارعين وأصحاب الأرض. لكن الهدف الحقيقي لتلك التدخلات هو حصار العرب باستثناء سوريا التي تنتج الآن ما يكفيها من القمح، وتصدر الفائض إلى دول عربية من بينها اليمن. وعادت السعودية إلى ما كانت عليه بعد توقف مشروعها الكبير الذي كان قد برز في الثمانينيات لإنتاج ملايين الأطنان من القمح بما يغطي حاجة المستهلكين فيها وفي دول الخليج العربي واليمن. ويقول رجال الزراعة والاقتصاد والسياسة العرب إن الاتحاد الأوروبي أعلن صراحة معارضته للاستثمارات الزراعية العربية في أي مكان من أفريقيا دون أن يزيد على ما ذرف عليه الدموع وهو الإضرار بالمزارعين الأفارقة!!. مع ان الاتفاقيات لم تكن للتمليك وإنما للتأجير لسنوات محددة قد تكون قابلة للتجديد ريثما تعمل الدول العربية على استصلاح وزراعة القمح في أراضيها؛ ولكن عليها ان تبحث عن المياه وتوفر مصادرها وبكميات تكفي لضمان استمرار ونجاح زراعة القمح، وإبعاد شبح الجوع والتهديد به في ظل الصراعات التي استطونت المنطقة بدخول أول مستوطن اسرائيلي إلى فلسطين قبل قرن ونصف. فالغزو الصهيوني لفلسطين كان مرتكزاً على عدة محاور يكمّل بعضها بعضاً لاستنزاف خيرات وموارد العرب جميعاً، وبث الفرقة فيهم، ومنع أي تصنيع أو زراعة أو تقدم علمي وتعليمي، والعمل على تشجيع الهجرة، وشراء الأراضي الفلسطينية أو الاستيلاء عليها بمساعدة البريطانيين والفرنسيين الذين كانوا يحتلون بلاد الشام والعراق ومصر وأفريقيا الشرقية والشمالية والجنوبية وجنوب اليمن مما مكن اليهود من الاستيلاء على المزيد من الأراضي والقرى والمدن الفلسطينية، وطرد سكانها المالكين لها على مر القرون والعصور. ويقول هؤلاء الخبراء ان الخطة هي الخطة الأولى والأساسية التي وضعها حكماء صهيون باسم «بروتوكولات حكماء صهيون» في القرن التاسع عشر في سويسرا، وأصبحت نافذة المفعول قبل أن يجف حبرها. وهي أنه بعد الاستيلاء على فلسطين يتحركون لتحقيق «اسرائيل الكبرى، من النيل إلى الفرات» والعودة كما يزعمون إلى جذورهم في خيبر ونجران!!. ومن مستلزمات نجاح بروتوكولاتهم عدم السماح للعرب باللحاق بركب الدول المتقدمة الاستعمارية، بل احتلال أراضيهم، وفرض القوانين الصارمة التي لا يحق لأي قطر عربي تجاوزها بما في ذلك عدم معارضة الهجرة اليهودية إلى فلسطين أو المطالبة بالاستقلال وتحسين التعليم والصحة والزراعة. وهذه المعارضة الأوروبية الأمريكية الاسرائيلية وإن لم تبدِ موقفها الرسمي صراحة مادام رأيها في هذه السياسة هو الأساس امتداداً لما بدأته قبل أكثر من أربعين عاماً بحث دول حوض النيل على إقامة سدود كبيرة على ضفتيه بمساعدة منها لسحب حصة مصر والسودان منه ما لم يسمح لها بحفر قناة إلى جنوبفلسطينالمحتلة للأغراض الزراعية والصناعية. فهل ستمضي الاستثمارات العربية القائمة والجديدة الزراعية بأفريقيا في طريقها، أم أن الضغوطات الغربية والاسرائيلية ستقضي عليها في مهدها، وتطوقنا من جديد بالحاجة والاعتماد عليها في توفير طعامنا؟!. أم أن الأموال العربية الهائلة في البنوك الأجنبية ستعود وتنفق في مشاريع زراعية عملاقة، هنا وهناك من الأقطار العربية، كلما توفرت فيها الأراضي الصالحة والخصبة لذلك وعلى رأسها اليمن..؟!.