العراق وسوريا يواجهان أزمة مياه في نهر الفرات القادم من تركيا، والحوار مع الاتراك بلغ ذروته بعد عدة لقاءات بين المسؤولين عن المياه في الدول الثلاث مازال يراوح في حدود طرح الأسباب عند الاتراك لقطع نسبة من المياه المقرر دفعها إلى البلدين من السدود التي أقامها الاتراك تباعاً في أراضيهم الغنية بمنابع المياه ومنها أن شحة الامطار وضرورة توليد الطاقة الكهربائية لتغطية حاجة البلاد الاستهلاكية والزراعة والصناعة من بين الأسباب الرئيسية لاقتطاع هذه الآلاف من الامتار المكعبة في الثانية المتفق عليها في بروتوكولات سابقة وقديمة حول تقاسم مياه نهر الفرات.. والمصريون يواجهون أزمة حقيقية في نقص مياه النيل مادفعهم إلى المطالبة بعقد مؤتمر يضمهم مع دول المنابع في افريقيا مثل الحبشة واوغندا وزامبيا ومدغشقر وكينيا لبحث الاخطار المحدقة بمصر والمصريين جراء انخفاض المعدل المقرر لها سلفاً والذي بدأ بتغير هذا المعدل في الستينيات من القرن الماضي على إثر بناء السد العالي في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر في عام 70م. ومن الآثار السريعة والمباشرة لنقص مياه النيل الواصلة إلى مصر عبر مسافة تزيد عن ثلاثة آلاف كيلو متر خفض انتاج الأرز في مصر لتوفير المياه ،والمؤتمر الذي عقد قبل اسابيع قليلة في القاهرة حول الموضوع لم يتوصل إلى حلول قاطعة سوى تعهد الدول الأفريقية التي تنبع منها مياه نهر النيل ببذل ماتستطيع لجعل حصة مصر عند مستوى المطلوب للأغراض الزراعية والاستهلاكية المنزلية والصناعية وتوليد الكهرباء من السد العالي. وهواجس مصر لم تتوقف منذ بدء بناء السد العالي في بداية الستينيات من لعب اسرائيل دوراً محرضاً للدول الأفريقية خاصة اثيوبيا أيام الامبراطور هيلا سيلاسي على اقامة سدود مختلفة الاحجام والاماكن مايؤدي إلى خفض مياه النيل حتى لا يصل منها إلى الأراضي المصرية إلا القليل الذي لايفي بالاغراض المطلوبة ضمن الحرب الإسرائيلية ضد مصر وجمال عبدالناصر في جبهات عديدة أهمها احباط مشروع السد العالي حتى لايؤدي الغرض الاستراتيجي الذي شغل هذه الدولة الدخيلة ومعها الدول الكبرى مثل امريكا وبريطانيا وفرنسا.. ولولا الاتحاد السوفيتي السابق وزعيمه آنذاك نيكميئا خروتشوف تصدى للمحاربين أولئك بتمويل بناء السد العالي بعد أن نكثت الولاياتالمتحدة والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي تعهدها بالتمويل بعد أن رفض الرئيس جمال عبدالناصر شروطها وفي مقدمتها الاعتراف باسرائيل والتخلي عن دعم نضال الشعب الفلسطيني والثورة اليمنية وحركات التحرر في افريقيا وآسيا وامريكا اللاتينية وتفكيك اتحاد دول عدم الانحياز الذي كانت تتزعمه مع الهند ويوغسلافيا ورئيسها جواهر لال نهرو وجوزف بروز تيتو بالإضافة إلى رئيسي اندونيسيا وسيلان أحمد سوكارنو وبندرا نيكا وبني السد العالي في النهاية وأعطى مصر الأمان من الفيضانات والكهرباء والزراعة.