مسؤول مصري رفيع صرح قبل أيام بأن الوضع المائي لبلاده حرج للغاية وأضاف: نحن نراقب الوجود الاسرائيلي في اثيوبيا مخفياً بهذا التصريح الهواجس المخيفة التي كانت قد بدأت خلال فترة حكم الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، الذي كان قد سعى لدى الولاياتالمتحدة ودول أوروبا لتمويل مشروع السد العالي العملاق الذي كان قد قرر بناءه بأي ثمن.. وعلى الفور تدخلت اسرائيل أو دخلت على الخط الذي يعرقل هذا المشروع على المدى القصير، وذلك بإسداء النصح والمساعدة الفنية لهذا البلد الأفريقي الذي توجد به بحيرة فيكتوريا الرافد أو المنبع الرئيس لنهر النيل العظيم، بأن يقوم الامبراطور هيلا سلاسي بإنشاء عدد من السدود واستصلاح الأراضي الشاسعة وزراعتها وريها بمياه النيل.. وتحركت اسرائيل لدى دول أفريقية أخرى غنية بالأنهار التي تصب في نهر النيل قبل وصولها إلى السودان وجنوب مصر، ومنها أوغندا و تنزانيا وكينيا وزامبيا، ولكنها أي اسرائيل لم تفلح في إنجاز ماتسعى إليه لخنق مصر مائياً, لأن تلك الدول لاتملك الأموال التي تبني بها سدوداً ضخمة وكثيرة تحوّل إليها أكبر قدر من مياه النهر بحيث لايصل إلى مصر منها إلا القليل، وتُفشل بالتالي مشروع السد العالي.. وقد مضت اسرائيل في إعداد الدراسات لكل دولة على حدة وسعت لإيجاد مايكفي من التمويل من أمريكا والدول الأوروبية الغربية وخاصة بريطانيا وفرنسا اللتين كانتا تتقاسمان السيطرة على عدد منها منذ القرن التاسع عشر والقرن العشرين ومنها السودان وأثيوبيا نفسها التي كانت حتى الثلاثينيات خاضعة للاحتلال الإيطالي، والآن اسرائيل نفسها لاتستطيع تقديم المال لتلك الدول في تلك الفترة، كونها كانت تعد نفسها لحروب طويلة ومكلفة ضد مصر وغيرها من الدول العربية كسوريا ولبنان والأردن والعراق، ولاسيما أثناء وجود الرئيس عبدالناصر الذي بدوره بذل كل مايستطيع، منذ ثورة يوليو عام 52 للحصول على الأسلحة لاستعادة فلسطين ومعه الأنظمة العربية المتحررة والجديدة السائرة في دربه وعلى نهجه.. واليوم دقّ ناقوس الخطر المائي على إثر اجتماع دول المنبع، الذي عقد في أديس أبابا مؤخراً لمناقشة إعادة جدولة مياه النيل التي كانت قد حكمتها اتفاقية إبان الوجود البريطاني في أوائل القرن الماضيبدعوى أنها غير منصفة لها، وأن من حقها الحصول على الجزء الأكبر من مياه النيل, مايعني أن مصر بالتحديد ستتعرض لأكبر خطر يهدد مواردها المائية لأول مرة منذ آلاف السنين بحرمانها من مياه النيل الذي لولاه ماقامت الحضارات الفرعونية القوية أثناء حكم الأسر الفرعونية الأربع ولما كانت لمصر القديمة تلك الشهرة التاريخية والرفاهية والثراء.. لايوجد بديل مائي لنهر النيل يلبي حاجة السكان البالغ عددهم اليوم أكثر من سبعين مليوناً غذائياً وصناعياً باعتبار هذين المجالين أهم ماتقوم عليه الدول المختلفة في هذا العصر, وليس بمقدور المخزون المائي في جوف الأرض أن يفي بالغرض ذاته لعقود من السنين, ويخشى المصريون الدخول في حرب على المياه في المستقبل ومعهم السودان على أي حال، تقف فيها اسرائيل مباشرة مع الدول الأفريقية المذكورة لقطع شريان حياة مصر والمصريين، لاسمح الله..