بمناسبة الاحتفال بثورة 14 أكتوبر تحدث فخامة الرئيس علي عبدالله صالح عن تعديل دستوري يطال صيغة الحكم باتجاه إطلاق الحكم المحلي الذي يضع المحافظات المختلفة في إطار ملعب جديد للفعل والعمل، وبهذه المناسبة أرى لزاماً على حملة الأقلام الوقوف أمام هذه الصيغة وأبعادها وما يمكن أن تقدمه من أفضليات وخيارات باعتبارها النموذج الذي أثبت نجاحاً واسعاً في كثرة كاثرة من بلدان العالم، كما إنه نموذج يتسع للخصوصيات ولا يأخذ سمة واحدة ووحيدة . إنه ليس موديلاً يتم تفصيله على مقاس واحد ومعايير متشابهة، لكنه خيار يتناسب مع طبيعة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والتكوينية للبلدان ، فإذا كانت الصيغ اللامركزية الاتحادية في بلدان التعدد القومي ذات طابع خاص، فإن تلك الصيغ تتغير في بلدان الواحدية القومية والدينية كما هو الحال في اليمن. مقطع القول: إن إطلاق الأخ الرئيس خيار الحكم المحلي واسع الصلاحيات يتطلب وقفات حتى يتسنى لنا معرفة أفضليات هذه الصيغة، ومغزى التغيير الدستوري المتصل بهذا الجانب.الحكم المحلي واسع الصلاحيات يعني الخروج من شرنقة المركزية المالية والإدارية المُتخشّبة والتي أثقلت كاهل الحكومة المركزية فيما بددت إمكانيات النماء الأفقي تسييراً وتعميراً، ولهذا السبب كان هذا الخيار الطريق الأمثل لتعظيم الأفضليات التنموية النسبية في كل محافظة من محافظات البلاد، كما إنه يجعل الذمة المالية والإدارية مقرونة بالمسؤولية الشخصية بدلاً من أن تكون حكراً على وزراء الحكومة المركزية . يزعم البعض أن اللامركزية المالية ستكون سبباً في النزف المالي وانتشار الفساد، وهذه مخاتلة مكشوفة، والعكس هو الصحيح فقد أثبتت تجربة العمل المالي والإداري المقرونة بالمسؤولية الشخصية أنها الوسيلة الحاسمة لتحديد المخل ومحاسبته، بدلاً من نظام التواقيع المتعددة على المعاملة الواحدة والتي تجعل المال العام ينساب بين أنامل الموقعين تماماً كما تتفرق دماء القتيل بين القبائل.