ليس من قيم الديمقراطية ومبادئ التعددية السياسية عدم الالتزام بالثوابت الوطنية أو الخروج عليها أو استعداء الآخرين ضد الوطن ومصالحه العليا، أو تثوير الشارع لإحداث الفوضى. وليس من قيم الديمقراطية النكاية بالشعب من خلال التورط في مساندة عناصر الإرهاب والتمرد ودعاة الردة والانفصال، وليس من قيم الديمقراطية كذلك إرجاع الفشل إلى الغير وتحميله مسئولية ذلك. وليس من قيم الديمقراطية ومبادئ التعددية السياسية التشفّي والتخلي عن تحمل أمانة المسئولية لحظة نداء الواجب الديني والوطني المقدس، وأيضاً ليس من قيم الديمقراطية إثارة الفتن وصب الزيت على النار لإذكاء لهيبها لتأكل الأخضر واليابس. إن العيب الكبير الذي ترتكبه بعض القوى السياسية هو استغلال قضايا الناس وحاجاتهم والمتاجرة بها من أجل التسلق على أكتاف البسطاء من الناس لتحقيق أهداف سياسية رخيصة. كما أن العيب الذي نلمسه من بعض تلك القوى الابتزازية هو إصرارها على محاولة الوصول إلى السلطة باستخدام الوسائل غير الدستورية بعد أن فشلت في الوصول إلىها عبر الطرق السلمية. بل إن العيب كل العيب هو استمرار هذه القوى في ارتكاب مسلسل الأخطاء؛ وهي تدرك وتعي خطورة ذلك المسلك المشين. لا لشيء إلا لأن جنون الوصول إلى السلطة قد تمكن من عقول القائمين على أنشطة وفعاليات تلك القوى، الأمر الذي قادهم إلى عدم الاعتراف بالأخطاء؛ لأن فهمهم للديمقراطية والتعددية السياسية لا يتعدى تحقيق الرغبات الشخصية، ولا يقيم أثراً لعواقب الأمور على الإطلاق. إن الاستمرار في نهج المكابرة وعدم الاعتراف بالأخطاء، ومحاولة تحميل الآخرين أسباب الفشل لا يمكن أن يكون من منطق العقل والحكمة، بل هو حالة من حالات الجنون التي يقودها عناصر من الذين لا يقدّرون عواقب الأمور، ولا يعيرون الشعب اهتماماً، بل ليس لديهم خبرة وتجربة في الحياة السياسية. ولذلك نجد هذه العناصر تتحكم بمصير تلك القوى التي تنازل عقلاؤها عن حقهم في التوجيه والنصح السليم، إما لأسباب شخصية بحتة أو لحقد دفين في نفوس البعض والرغبة في الانتقام من الشعب. ولذلك نجدد الدعوة إلى كل الخيرين من أجل الاصطفاف الوطني والوقوف في وجه المتهورين، ومن ثم الانطلاق نحو استكمال عملية البناء والتنمية لنجسد قيم الديمقراطية والتعددية السياسية على أرض الواقع بما ينفع الناس ويحقق الخير العام بإذن الله.