المأساة ليست قدرنا الوحيد نحن من يجعلها تبدو كذلك ثم نندب الظروف وأشياء أخرى لا قيمة لها في سوق العطارين! .. الظروف التي نسند إليها ظهورنا ونضع عليها رؤوسنا المحشوة بالخطط والتدابير، فتسرق نومنا ونشكرها على ذلك، ليست شيئاً آخر سوانا! .. في الخارج.. لا يوجد أحد غيرنا يسمَّى «الظروف».. ليس ثمة من يقرر ويدبر ويفكر ويباشر بالنيابة عنا نحن الداء والدواء، ونحن صُناع الظروف وليس العكس. .. الأمم المتعاقبة من أمراض «الظروف» ليست مجموعة من السحرة والمنجمين وقراء الغيبيات المودعة في بطن فنحان أو صفحة كف أو في خزائن النجوم البعيدة.. في السماء الافتراضية. .. والشعوب المتقدمة لم يحدث أنها استيقظت يوماً لتجد نفسها متقدمة ومتطورة ولم يحظَ الآخرون بنفس الفرصة فبقوا متخلفين وعذرهم معهم! .. الصحيح أن المتقدمين استيقظوا، وبقينا غارقين في النوم وعصور الظلام والتخلف ولم نحرك ساكن عقولنا أو نمنحها الإذن بالعمل والتحرك بعيداً عن سجن العادة وأغلال الأولين وميراث الجهل والجاهلية المتراكمة. .. لم يعد الجهل فقيراً.. رثّاً.. حافي القدمين.. والجاهلية ليست راعية أغنام وجلابة إبل وشاة.. تغيرت الأحوال والقيم، وصارت الجاهلية بيننا مدعاة للغبطة والتمني وترمقها العيون بالحسد والافتتان، ولمَ لا؟ وهي تملك المال والبغال والرجال. .. ولكنها أيضاً مملوكة لما تملكه ولا نملك من أمرها شيئاً!! .. صار الجهل أنيق الثياب والهندام، يسكن القصور ويمتلك الجاه والوجاهة وتسند إليه المناصب والمسئولية ويؤتمن على مصالح وقضايا العامة وشئون الناس في قطاعات مختلفة ومجالات شتى. .. ولكن برغم هذا كله لا شيء يمكنه أن يغير الواقع مالم تتغيرالوقائع والمقدمات، فالمظاهر ليست كافية أو قادرة حتى على القيام بمهام ومسئوليات وواجبات العقول المفكرة! .. لهذا تبقى المأساة ملازمة لنا ببساطة؛ لأننا نحن المأساة الحقيقية!! شكراً لأنكم تبتسمون [email protected]