التدخين هذا الداء الخطير الذي يفتك بالبشر، يتزايد محبوه يوماً بعد يوم، وكأن هؤلاء الذين يقتلون أنفسهم يستمرئون ذلك، بل ويتحدون كل الدعوات والنصائح التي تشير إلى الخطر، وهي والله أمور تستحق الوقوف عندها ملياً. والتدخين اليوم يفسد علينا معيشتنا، بل ويجعلنا ننظر إلى هؤلاء المدخنين بعين الريبة والغيظة، إذ إنك لا تجد موضعاً في الحياة إلا وبه مدخن ويختلف ذلك من الأماكن المفتوحة والمقاهي والشوارع إلى تلك المغلقة وعديمة التهوية وفي وسائل المواصلات.. وهلم جراً. ففي وسائل المواصلات، وقد كتبنا عن ذلك مراراً، تجد المدخن لا يحلو له التدخين، إلا عندما يحط جسده على المقعد، فيشعر بالراحة ومعها «قرف الدخان» غير عابئ بغيره ويبدأ ينفث سمومه التي تضره وتضر من حوله، وإذا نصحت أو أرشدت، قال ذلك: إذا ما أعجبك إنزل إركب لك تاكسي، والأدهى أن الناس لم يعد لهم «حَيْل» ليتدخلوا، فتجد نفسك في معركة خاسرة، ومن ثم تنهزم بدلاً أن تنضرب أو تصاب بما لا تحمد عقباه! لقد مل الناس من هذه الأمور، وذلك لعدم وجود الردع من قبل من هم معنيون بتلك الأمور، وهذا ما يضاعف الاستشراء للظاهرة وبدون حسيب أو رقيب، وصدقوني أن رجل المرور الذي لم يتمالك أعصابه أو «كيفه» ويدخن في الباص، يكون قد وضع نفسه في موضع الجاني والمشجع على ذلك، بدلاً أن يكون هو الناصح وهو القانون، بحسب قانون منع التدخين، وهناك رجال مرور محترمون، وليس على الشواذ يكون إلا الاستنكار، وليس الحكم بالطبع. وتكون الأمور أكثر سوءاً، عندما تجد سائق الحافلة أو التاكسي هو من يشعل سيجارته، خاصة بعد شرب الشاي «سفري» في كأس من البلاستيك أو احتساء «دغمة» من إحدى المشروبات الغازية «لزوم كيف القات» وتكون «التخديرة» قد وصلت ذروتها، فلا يأبه بالركاب ولا بالقانون، ويدخن حبة وراء حبة، وأنت يا مواطن انفجر لك من الغيظ، وكأنك في معركة يجب أن تخرج منها بحياتك سالماً! إن هذه المنغصات،ونحن نسمع ونشاهد عن اليوم العالمي لمنع ومكافحة التدخين، على الأقل في الأماكن المكيفة والمغلقة والمدارس والمشافي ووسائل المواصلات العامة إن ذلك يدعونا لأن نصرخ بقوة أين الشرطة البيئية التي تشكلت مؤخراً، وأين هي العقوبات الرادعة.. أم أننا سنظل نتغنى بالحكمة يمانية.. ونحن بعيدون عنها «بُعد الثريا عن الثرى»؟! أحسنوا الصنعة أيها المسئولون عن هذه الأمور، فقد فاقت هذه التصرفات حدود المعقول.. بارك الله فيكم.. والله الهادي لنا جميعاً..