تظهر بعض الحركات الدينية بأسلوب جديد لمسخ الهوية الوطنية والقومية تحت شعار «اتحدوا يامسلمي العالم» وبالتالي عند الحديث عن الهوية الوطنية أو القومية تكيل بعض تلك الحركات التهم وتصدر الفتوى بتكفير من يتحدث عن الهوية الوطنية أو القومية العربية، ووصل الأمر في بعض المدارس الأهلية أن تمنع النشيد الوطني وتحيّة العَلَم دون إدراك لخطورة مثل هذا التصرف الأهوج. نحن مع وحدة العالم الإسلامي ولايمكن أن يزايد علينا أحد في هذه المسألة، ولكن من أين نبدأ هذا الاتحاد؟ ألا يبدأ ذلك الاتحاد بترسيخ مفهوم «حب الوطن من الإيمان» وأن الدفاع عن الوطن دفاع عن العقيدة، وأن التخلي عن الوطن تخلٍ عن العقيدة. وعندما يتم ترسيخ هذا المبدأ في عقول النشء ألا ينبغي أن ننتقل إلى المرحلة الثانية وهي ترسيخ مبدأ الاعتزاز بالقومية العربية التي لا انفصام بينها وبين الدين الإسلامي، باعتبار الإسلام عقيدة وشريعة الروح والعروبة الجسد وأن نؤكد بأن الدين الإسلامي جاء معززاً ومكرماً للقيم العربية الحميدة وأن الدستور الجامع للأمة العربية والإسلامية القرآن الكريم قد نزل باللغة العربية؟ إن تصرفات بعض العناصر التي تتخذ من الدين الإسلامي ستاراً تنم عن أحد احتمالين، الأول منهما: إما أن هذه العناصر جاهلة ولا تفهم خطورة طرحها وآثاره السلبية على الشباب وبالتالي تنساق تحت تأثير العاطفة الدينية دون حساب للأثر أو التأثير وأمثال هؤلاء يقعون في إطار المغرر بهم ، أما الاحتمال الثاني فإن مثل هذه العناصر تدرك خطورة ماتقول ، بل متعمدة تنفيذ أجندة مسخ الهوية الوطنية والقومية لتصل في نهاية الأمر إلى مسخ الهوية الإسلامية ، وهنا مكمن الخطر الحقيقي الذي ينبغي للجهات المعنية في الأجهزة التعليمية أن تتحمل المسئولية الكاملة في الاشراف على التعليم واخضاعه لرقابتها ومناهجها وأن تجعل من النشيد الوطني وتحيّة العَلَم لازماً من لوازم التعليم ، وأن تتخذ اجراءات رادعة ضد من يحاولون مسخ الهوية الوطنية وهو الهم الأكبر الذي ينبغي القيام به خلال المرحلة المقبلة لتحصين الهوية الوطنية من الاختراقات بإذن الله.