كان العالم في العام المنصرم على موعد مع ادارة أمريكية جديدة قدمت وعوداً سخية بعهد جديد من المغادرة غير المأسوف عليها لعهد الجمهوريين اليمينيين العتاة، لكن إدارة أوباما الديمقراطية لم تتمكن حتى اللحظة من حلحلة التعقيدات الكثيرة التي ورثتها عن اليمين الجمهوري، فالوجود الأمريكي في العراق وأفغانستان لا يمكنه أن ينقضي وقد خابت مساعي الولاياتالمتحدة لتحقيق تصورات الألفية الجديدة لرأسمالية تتعولم بقوة النار والبارود، وانكشفت المتاهة عن حرائق وويلات دونها ملايين القتلى العراقيين والأفغان والصوماليين ومن سيلتحق بركب الموت العدمي قريباً . على خط متصل سعت إدارة أوباما إلى تحقيق تقدم ما على خط إرضاء المواطن الأمريكي بوصفه قوة الارتكاز الأولى في سباق الانتخابات السابقة واللاحقة، غير أن الأزمة المالية الموروثة من سياسات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وشارع المال العتيد «وول استريت» مازالت تكشر عن أنياب التنين المسمومة.. بالمقابل لم تتمكن إدارة أوباما من الانزياح خطوة واحدة فيما يتعلق بالمشاكل الكبرى الدولية العالقة وفي المقدمة منها المسألة الفلسطينية والتسوية، ناهيك عن العراق وأفغانستان التي تطاولت مأساتها لتصل إلى باكستان . عام مضى وعام جديد ينفتح لتوه على المزيد من الأزمات والمشاكل، وتقف البشرية السويّة عاجزة عن مُناصحة الادارة الأمريكية الذاهبة لتوها الى مزيد من الحروب الكونية تحت ذات المسمى الأسبق لمكافحة الإرهاب وأسلحة الدمار الشامل، وتحتار الدول العربية أمام تسونامي الاندفاع الجديد المتجدد، فيما تستمر أوضاع الداخل العربي بذات الترميزات المُتجهمة والأحوال المُتعسرة، فدول مجلس التعاون الخليجي بين ناري «الفوبيا» من احتمالات إقدام اسرائيل على خطوة عسكرية جوية ضد ايران سيكون رد فعلها ممتداً لامحالة الى كامل العمق الخليجي، ومصر في كر وفر مع التسوية المستحيلة، فيما تنصرف سوريا الى ترتيب شؤونها الإقليمية مع الإبقاء على كامل الخيوط الحريرية التي تربطها بكل الأطراف، واليمن يشهد عاصفة من المستجدات غير الحميدة، فيما تعد بريطانيا وامريكا بمعاضدة الدولة حد التلويح بالتدخل لمكافحة الارهاب مما قد يسهم في مزيد من خلط الأوراق. هذا هو عام الوعود الأمريكية السخية التي مافتئت تعيد انتاج دورة اليمين ومرئياته حتى وإن رغب الديمقراطيون فيما يُغاير ذلك .