لنقل إنها من المفارقات العجيبة والتي لا تحدث إلا في البلاد العربية واليمن خاصة.. ففي الوقت الذي أصبحت فيه اليمن تحتل المرتبة الثالثة بين دول العالم المنتجة والمصدِّرة للغاز الطبيعي واختارت أن يكون العام الجديد 2010م بداية لتدشين أول شحنة غاز تم تصديرها للخارج وسط فرحة عارمة في أوساط الشعب الذي استبشر خيراً بهذا العام الجديد.. ولكن وكما يقال: "يا فرحة ما تمت" فما هي إلا أيام حتى وجدنا أنفسنا ندشن أكبر أزمة غاز في داخل البلاد وأطولها على الإطلاق مقارنة بالأزمات السابقة، والتي كانت غالباً ما تأتي متزامنة مع حلول شهر رمضان المبارك والأعياد الدينية.. حتى أصبحت بالنسبة لنا طقوساً وتقاليد رمضانية وعيدية لابد منها،معتبرين ذلك مشاركة من الجهات المعنية للمواطنين احتفالاتهم بهذه المناسبات، فلا نشعر برمضان ولا بالعيد بدون وجود أزمة غاز، ومن منا يستطيع أن يتخيل مرور هذه المناسبات دون أزمة غاز؟! أكيد لا أحد. لأن أزمة الغاز هي بمثابة بطائق تهنئة وهدايا يرسلها المسئولون المعنيون للمواطنين.. ولهذا فقد تعودنا وأدمنَّا أزمات الغاز الموسمية،فلم نعد نتأثر ولم نعد أيضاً نطالب الجهات المعنية بإيجاد حل لهذه الأزمة الدائمة،لأننا ندرك جيداً أن هناك أيادي خفية وسماسرة وراء حدوث هذه الأزمات، وهم يجيدون صنعها ولكنهم لا يجيدون، أو بالأصح لا يريدون، حلها. ونعرف أيضاً إنها أزمة "وحتعدي" على رأي إخواننا المصريين،ونقول يا الله "خلي الخبرة" يترزقوا لمواجهة مصاريف رمضان والعيد، والمائتان أو الثلاثمائة ريال التي تضاف فوق سعر الاسطوانة نحسبها زكاة من المواطنين إلى هؤلاء المتحكِّمين بأزمات الغاز ومن وراءهم،ونتقبّل الأمر، أعني الأزمة المفتعلة، بكل روح رياضية، طبعاً هذا كله كان قبل ما نكون دولة مصدِّرة للغاز. أما اليوم وبعد أن أصبحنا دولة منتجة ومصدِّرة للغاز وفي ظل هذه الأزمة الخانقة وبعد أن وصل سعر الاسطوانة الغاز إلى حوالي "1500" ريال،وبعد أن رأينا بأعيننا عبث العابثين وفساد الفاسدين وتلاعب المسئولين المعنيين وتحولت الأزمة إلى فرصة للكسب يسعى خلفها الجميع ولكل منهم من هذه الغنيمة نصيب.. فمن حقنا أن نطالب السلطة المحلية بالمحافظة القيام بدورها ووضع حد لهذا التلاعب والإتجار بمعاناة المواطنين. وكم نتمنى منها أن تضع معاناة المواطنين ومشاكلهم ضمن أولوياتها ولا تشغل نفسها بأمور بعيدة عن هموم ومعاناة أبناء تعز. ولا نريد أبداً أن يكون الحل دائماً لأزماتنا ومشاكلنا من الصين والتي قد تفاجئنا ب«شِوَل وتنانير» تعمل بالفحم بدلاً عن الغاز،فيكون الحل صينياً وليس يمنياً؟!.