القائم بأعمال رئيس الوزراء يشارك عرس 1000 خريج من أبناء الشهداء    صنعاء.. البنك المركزي يوقف التعامل مع شركة صرافة    مليشيا الحوثي تسعى لتأجير حرم مسجد لإنشاء محطة غاز في إب    موسم العسل في شبوة.. عتق تحتضن مهرجانها السنوي لعسل السدر    أبين.. حادث سير مروع في طريق العرقوب    شبوة تحتضن بطولة الفقيد أحمد الجبيلي للمنتخبات للكرة الطائرة .. والمحافظ بن الوزير يؤكد دعم الأنشطة الرياضية الوطنية    المجلس الانتقالي الجنوبي يرحّب بتقرير فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة ويدعو إلى تعزيز التعاون الدولي    الأرصاد يتوقع أجواء باردة إلى شديدة البرودة على المرتفعات    وزارة الخدمة المدنية توقف مرتبات المتخلفين عن إجراءات المطابقة وتدعو لتصحيح الأوضاع    لحج: المصفري يرأس اجتماعا للجنة المنظمة لدوري 30 نوفمبر لكرة القدم    توتر وتحشيد بين وحدات عسكرية غرب لحج على شحنة أسلحة    عالم أزهري يحذر: الطلاق ب"الفرانكو" غير معترف به شرعا    تسعة جرحى في حادث مروع بطريق عرقوب شقرة.. فواجع متكررة على الطريق القاتل    انتقادات حادة على اداء محمد صلاح أمام مانشستر سيتي    سؤال المعنى ...سؤال الحياة    برباعية في سيلتا فيجو.. برشلونة يقبل هدية ريال مدريد    بوادر معركة إيرادات بين حكومة بن بريك والسلطة المحلية بالمهرة    هل يجرؤ مجلس القيادة على مواجهة محافظي مأرب والمهرة؟    جحش الإخوان ينهب الدعم السعودي ويؤدلج الشارع اليمني    الأربعاء القادم.. انطلاق بطولة الشركات في ألعاب كرة الطاولة والبلياردو والبولينغ والبادل    العسكرية الثانية تفضح أكاذيب إعلام حلف بن حبريش الفاسد    غارتان أمريكيتان تدمران مخزن أسلحة ومصنع متفجرات ومقتل 7 إرهابيين في شبوة    إحباط عملية تهريب أسلحة للحوثيين بمدينة نصاب    الدوري الايطالي: الانتر يضرب لاتسيو في ميلانو ويتصدر الترتيب برفقة روما    العدو الصهيوني يواصل خروقاته لإتفاق غزة: استمرار الحصار ومنع إدخال الوقود والمستلزمات الطبية    الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية تُنظم فعالية خطابية وتكريمية بذكرى سنوية الشهيد    دائرة الرعاية الاجتماعية تنظم فعالية ثقافية بالذكرى السنوية للشهيد    فوز (ممداني) صفعة ل(ترامب) ول(الكيان الصهيوني)    مرض الفشل الكلوي (27)    فتح منفذ حرض .. قرار إنساني لا يحتمل التأجيل    الأمين العام لجمعية الهلال الأحمر اليمني ل 26 سبتمبر : الأزمة الإنسانية في اليمن تتطلب تدخلات عاجلة وفاعلة    انها ليست قيادة سرية شابة وانما "حزب الله" جديد    ثقافة الاستعلاء .. مهوى السقوط..!!    تيجان المجد    الشهادة .. بين التقديس الإنساني والمفهوم القرآني    الزعوري: العلاقات اليمنية السعودية تتجاوز حدود الجغرافيا والدين واللغة لتصل إلى درجة النسيج الاجتماعي الواحد    سقوط ريال مدريد امام فاليكانو في الليغا    قراءة تحليلية لنص "مفارقات" ل"أحمد سيف حاشد"    الرئيس الزُبيدي يُعزي قائد العمليات المشتركة الإماراتي بوفاة والدته    محافظ العاصمة عدن يكرم الشاعرة والفنانة التشكيلية نادية المفلحي    الأرصاد يحذر من احتمالية تشكل الصقيع على المرتفعات.. ودرجات الحرارة الصغرى تنخفض إلى الصفر المئوي    في بطولة البرنامج السعودي : طائرة الاتفاق بالحوطة تتغلب على البرق بتريم في تصفيات حضرموت الوادي والصحراء    جناح سقطرى.. لؤلؤة التراث تتألق في سماء مهرجان الشيخ زايد بأبوظبي    وزير الصناعة يشيد بجهود صندوق تنمية المهارات في مجال بناء القدرات وتنمية الموارد البشرية    صنعاء.. البنك المركزي يوجّه بإعادة التعامل مع منشأة صرافة    رئيس الحكومة يشكو محافظ المهرة لمجلس القيادة.. تجاوزات جمركية تهدد وحدة النظام المالي للدولة "وثيقة"    كم خطوة تحتاج يوميا لتؤخر شيخوخة دماغك؟    عين الوطن الساهرة (1)    الهيئة العامة لتنظيم شؤون النقل البري تعزّي ضحايا حادث العرقوب وتعلن تشكيل فرق ميدانية لمتابعة التحقيقات والإجراءات اللازمة    مأرب.. فعالية توعوية بمناسبة الأسبوع العالمي للسلامة الدوائية    في ذكرى رحيل هاشم علي .. من "زهرة الحنُّون" إلى مقام الألفة    مأرب.. تسجيل 61 حالة وفاة وإصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام    على رأسها الشمندر.. 6 مشروبات لتقوية الدماغ والذاكرة    كما تدين تدان .. في الخير قبل الشر    الزكاة تدشن تحصيل وصرف زكاة الحبوب في جبل المحويت    صحة مأرب تعلن تسجيل 4 وفيات و57 إصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام الجاري    الشهادة في سبيل الله نجاح وفلاح    "جنوب يتناحر.. بعد أن كان جسداً واحداً"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا نكذب
نشر في الجمهورية يوم 29 - 01 - 2010

قبل خمسة وعشرين عاماً من اليوم أتذكر أنه كان لإحدى الصحف السعودية زاوية صغيرة معنونة ب (لاتقرأ هذا الخبر) كان يشير لحدثٍ غريب ومهم وعاجل لكن لايحتمل القدح أو الجدل والكثير من الأخبار التي تحملها الصحف اليوم والتي تحوي بعض الغرابة والتساؤل .. هي بحاجة إلى إعادة نظر في كيفية طرحها للاطلاع والعلم وربما التفاعل معها بشكلٍ صحيح.
قرأت في إحدى الصحف المحلية خبراً صغيراً يتساءل بغرابة عن بعض المدارس الحكومية التي تقوم بفتح فصول روضة وتمهيدي مقابل مبلغ شهري يدفعه أولياء الأمور وكان عنوان الخبر (هل هذا معقول؟!) نعم معقول جداً جداً وما الشيء غير المعقول عندنا؟! ولا أدري هل كان الهدف من الخبر مجرد التساؤل أم هو لفت نظر لمن يهمه الأمر وأي كان نوع الطرح المهم أن الحدث موجود وقائم.
ولايتوقف الأمر على الفساد بل إن الفساد أصبح عادة يومية يمارسها الجميع ولايأبه لتبعاتها على الطبقة الأقل عمراً وخبرة والأكثر اكتساباً لعادات المجتمع وتقاليده، فالكذب عادة يومية يمارسها الآباء والأمهات ، المعلمة تكذب وتغتاب زميلتها في العمل وتقدح في حق مديرة المدرسة (من الخلف) ، الطبيب يكذب على مرضاه ولايقوم بواجبه كما ينبغي ، سائقو الحافلات يكذبون ويسكبون الأيمان كماء الصنابير دون خوفٍ أو وازع ، الزوج يكذب على زوجته أو زوجاته وليس بذلك الكذب الحلال الذي يدخل في مدح طعام الزوجة أو التغزل بجمالها بل هو أكبر وأبشع وأفظع والمحاكم تشهد!
الكذب أصبح آفة تجتاح حياتنا كل يوم لتتركنا مساء كل ليلة وقد أصبحت قلوبنا خاوية من الإحساس بالسمو والإنسانية والصدق واحترام الذات.. الكذب صفة لايجب أن نتركها لتستفحل وتترك بصمتها علينا بوضوح لأن الإنسان الذي يتخذ من الكذب وسيلة للوصول إلى مايريد تصبح أفعاله مؤطرة بالشك والريبة ويصبح من السهل على الآخرين اكتشاف مواهبه القذرة في الاحتيال ، هذه الصفة أكد على تجنبها نبيّنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام حين قال: تجنب الكذب ولو مازحاً صدق رسول الله ، وفي حديث آخر يسأله الصحابة رضي الله عنهم (أيكون المؤمن بخيلاً؟ قال: نعم، قال : أيكون المؤمن كذاباً؟! قال: لا) صدق رسول الله .
هل تدرون لماذا جُعل الكذب مكروهاً ولماذا لعن الله الكاذبين في القرآن الكريم؟!لأن للكذب تبعات أخرى أكبر من الكذب نفسه كم من الناس كان ضحية لكذبة افتعلها غيره ووقع فيها هو.
فالكذب يبدأ بزرع بذرة الخبر الفاسد ومن ثم تثمر البذرة وتكبر وتصبح لها ثمارها الكريهة الطعم واللون والرائحة وفي بحوث أمريكية أجرتها أجهزة أمنية خاصة بمكافحة الجريمة تبين أن 60% من جرائم القتل بدأت بكذبة ثم تبعتها جريمة مرت بأكثر من مرحلة ، بداية بالابتزاز ونهاية بالتحرش ثم القتل والشيء نفسه يحدث في الكثير من الجرائم عندنا كالخيانة التي تبدأ بالكذب الزوجي المنمق بالغريزة السالبة .. والكثير من القضايا التي تلج أبواب المحاكم ثم تتحول إلى جُنح أو جرائم وفي كثير من حالات الكذب يتحول الأمر إلى مرضٍ مزمن بحيث يصبح الإنسان أكثر إسقاطاً لما في نفسه على مجتمعه والأشخاص الأكثر قرباً منه والهوة تزيد شيئاً فشيئاً ثم لايلبث أن يدمن الإنسان الكاذب على إسقاط خيالاته الكاذبة على واقعه الأكثر قوة منه ومن هنا يبدأ الصراع بين الذات السالبة والمحيط.
وإذاً فالكثير من الكلمات التي تمطرها ألسننا قد لاتسقي أسماع الآخرين بل قد تتحول إلى طوفان يغرقهم، فالواجب إذاً أن نتحرى مانقول لئلا نقع ضحايا أنفسنا ومن محاسن أن يكون الإنسان صادقاً أن تكون أعمالك مترجمة جيدة لأقوالك ومن هنا يأتي حب الناس وثقتهم بك، ألم تسمع قبل اليوم بلقب كان يلقاه كفار مكة من أصدق مايلقب به حبيبنا محمد بن عبدالله ألم يلقبه أولئك بالصادق الأمين ، انظر وتأمل كيف يلبسك الصدق لباس الأمانة والوقار ويخلع عنك صفة الخيانة التي غالباً ماتلازم الكذب ، تأمل كيف يمكن أن يدلك الصدق في القول إلى الصدق في العمل ومن ثم الاخلاص فيه وقد تصل إلى درجة الإحسان التي هي أعلى مراتب الإيمان.
أيها السادة لسان الإنسان هو ترمومتر لخلو قلبه من الريبة والشك وقذارة الدنيا إنه سبب لهدوء النفس وراحتها ولاينكر أحد أهمية خلو النفس من أمراضها ومايعود به ذلك على سلامة الجسد وقوته وسلامة الفكر وصحته فلماذا نكذب وقد ينجينا الصدق مما نخاف أن يهلكنا، لماذا نكذب ولدينا من يقتدي بنا ومن نحن له أسوة، فهلّا أصبحنا أسوة حسنة لأبنائنا ، هلّا راقبنا سلامة ألفاظنا وخلوها من مرض الكذب هلّا تحرينا الحق حتى يقذف الله حبنا في قلوب الناس فنكون أقرب إلى الله فلا نفقد هويتنا الإسلامية وبريقنا الإيماني وشفافيتنا القرآنية؟! هلا تذكرنا ملياً أن أبناءنا بحاجة إلى صدقنا معهم وأننا غداً بحاجة إلى صدقهم معنا.. هلّا دنونا من قلوبنا قليلاً لعلنا نستطيع أن نصلح ما أفسده الكذب وحال به بيننا وبين الوقوف بصلابة أمام مرآة أرواحنا؟.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.