كنت قد أشرت في العديد من المواضيع إلى أن اليمنيين باحثون عن التوحد والالتقاء تواقون لذرى المجد والعزة وليسوا دعاة تشرذم وتمزق على الإطلاق ,وإن ظهر في أوساطهم من يميل إلى التشرذم إلا أنهم شواذ أما القاعدة فإن اليمنيين عبر مراحل التاريخ أصحاب مشروع حضاري نهضوي. وكنت قد تناولت ذلك في دراسات نشرت من قبل أكدت فيها على هذا الاتجاه نحو الشموخ والعزة وضربت بمثال كان ومازال وسيظل هو حركة الأحرار اليمنيين التي اتصفت بالموضوعية والعقلانية وعدم القفز على الواقع ,حيث كانت حركة الأحرار قد ظهرت بشكل عملي فعال من بداية الأربعينيات من القرن الماضي في ظل وجود ثلاثة تيارات عالمية في تلك الفترة التيار الأول الماركسي تحت شعار (اتحدوا يا عمال العالم) الذي ظهر في بعض أجزاء من الوطن العربي , والتيار الثاني التيار القومي الذي انطلق تحت شعار (أمة عربية واحدة) والتيار الثالث ظهر كردة فعل ضد الماركسية والقومية وتحت شعار (اتحدوا يا مسلمي العالم ) وجميع تلك التيارات كانت مجرد شعارات لم تقدم للوطن العربي برنامجاً عملياً يوحد الأمة العربية , بل بسبب تلك الشعارات وصل الوطن العربي إلى ما هو عليه اليوم. ولئن كان الوطن العربي قد تقاسمته التيارات التي لم يدرك القائمون عليها الواقع العربي واشتغلوا بالخيال أكثر من انشغالهم بالواقع وظلوا يكيلون لبعضهم البعض التهم ويتبادلون رفع الشعارات دون الاقتراب من الواقع ومعالجته وفق رؤية موضوعية علمية فإن اليمنيين (الحركة الوطنية) كانت قد مالت كلية إلى الموضوعية والواقعية ولذلك رأى اليمنيون ان العلاج الناجح لحال الأمة ينطلق من الإيمان اولاً بأن الإسلام عقيدة وشريعة يمثل روح الأمة وأن العروبة جسد، وبناءً على ذلك فكر اليمنيون أولاً في التخلص من الحكم الإمامي الذي منع المشاركة السياسية الشوروية ثم التخلص من الاستعمار البريطاني الذي اعتمد سياسة فرق تسد ومن ثم الاتجاه نحو إعادة لحمة الوطن اليمني الموحد ثم الانطلاق باتجاه المشروع العربي النهضوي الأكبر. نعم لقد قلت قبل فترة بأن أعداء اليمن لن يتركوا اليمن يمضي باتجاه المشروع العربي الأكبر دون معوقات ولذلك عقب نجاح اليمن بإعادة وحدة الوطن اليمني الواحد في 22 مايو 90م ونجاح اليمن في نضالها من اجل انتظام القمة العربية وسعيها إلى تنقية الأجواء العربية وبذل المزيد من اجل الاندماج في منظومة الخليج العربي وإصرارها على قيام الاتحاد العربي خُلقت تحديات داخلية وخارجية بهدف إلهاء اليمن عن تلك الرسالة النهضوية وهو ما سنتطرق له يوم غد بإذن الله.