تروي طرفة هندية قديمة، أن مهراجاً قرر معاقبة أحد وزرائه على جناية اقترفها.. فقال له الوزير : أمهلني سنة ياسيدي لأعلّم خلالها فيلك الأبيض الطيران تكفيراً عن جنايتي. فوافق المهراجا على هذه الفكرة المستحيلة.. وعندما قلق أصحاب الوزير على فكرته الانتحارية المتهورة، قال لهم : ماعليكم.. فربما يموت هذا الفيل خلال العام، أو ربما تحدث معجزة ما.. أو .. إلخ والأمر ومافيه نظرية اسميها (فيها حلات). وعلى مايبدو أن دهاة (المشترك، تفتفت أذهانهم عن مثل هذه النظرية.. ففي كل مرة يدعوهم فيها الحزب الحاكم إلى الحوار، يبعثون له برسالة مفادها أن في مقدورهم تعليم الديمقراطية الطيران خلال هذا العام على أساس (ان فيها حلات) إذ ربما يموت (اتفاق فبراير)، أو تحدث معجزة توصلهم إلى السلطة، أو... أو.. إلخ. وعلى الرغم من أنهم يشعرون في قرارة أنفسهم باستحالة تمرير نظريتهم هذه على نظام وطني ديمقراطي، إلا أنهم يراهنون في تمريرها، على الشعوذة والدجل السياسي واستغفال الجماهير.. وبمعنى أدق يراهنون على إضاعة الوقت لتفويت الفرصة على الحزب الحاكم وتعجيزه عن الإيفاء بالتزاماته تجاه الاستحقاق الوطني الديمقراطي، أمام الناخبين ليفقد بذلك مشروعيته وشرعية النظام القائم. ونفهم من ذلك أن العمل السياسي، في نظرهم لا يمت بصلة لمصلحة هذا الوطن واستحقاقه الديمقراطي الانتخابي، بقدر ما يتركز على مصالحهم الحزبية الخاصة، وعلى الديمقراطية أن تتعلم الطيران ليمتطوا صهوتها إلى السلطة ولو بالتقاسم أو بحكومة مصالحة وطنية لاتقبل بها الديمقراطية والتعددية السياسية، ناهيكم عن عدم قبول جماهير الناخبين بهما. ونخلص من فهمنا لذلك إلى أن هذه المعارضة السياسية العجيبة أضاعت على نفسها وعلى الوطن مايربو عن عقد من الزمن منذ انتخابات 97 البرلمانية، وهي تترقب وتتصيد كل شاردة وواردة توصلها إلى سدة الحكم. كما أضاعت على الوطن فرصاً ثمينة كان يمكنه أن يستعيد من خلالها عافيته ويضمد جراحه، ويتجه إلى تنمية اقتصاده والارتقاء بمعيشة أبنائه، لو أنها – أي المعارضة – تخلت عن نظرية (فيل المهراجا)، أو قدمت على الأقل برامج سياسية وتنمية هادفة وتعلن تبنيها وترسم بوضوح آليات موضوعية لتنفيذها، بدلاً عن مراهنتها على نظرية (فيها حلات) أو بمعنى آخر نظرية (الفيل الطائر). قال الشاعر: لا تطمحن إلى المراتب قبل أن تتكامل الأدوات والأسباب (الطغرائي)