حكم الشعب هو التعريف التقليدي لمفهوم الديمقراطية الذي ابتكره اليونان في القرن الخامس قبل الميلاد كتعبير عن حاجة المجتمع إلى جهاز ينظم حياته ويتولى إدارة شئونه وقد اصطلح على تسمية هذا الجهاز فيما بعد ب “ الدولة” ولذلك فالدولة ليست كياناً موازياً للمجتمع أو خارج نطاقه،وإنما هي عبارة عن تشريعات يضعها المجتمع بنفسه بما يلي مصالحه وتحقيق أهدافه في الحياة تسمى بالعقد الاجتماعي والذي يشمل الدستور والنظريات التعاقدية المنبثقة عنه “القوانين” يختار المجتمع من بين أفراده وعبر الانتخاب مجموعات محددة الأشخاص يمثلونه في تولي سلطة تنفيذ هذه التشريعات وكل مجموعة تشكل مؤسسة معينة وهذه المؤسسات في التطبيق وعلى المستوى الرسمي في العصر الحديث تتشكل منها السلطة العامة بمستوياتها الثلاثة تشريعية، تنفيذية ، قضائية تمارس سلطة حكم الشعب بتفويض منه باسمه ونيابة عنه وبالتالي فالتطبيق السليم يتطلب بالضرورة الوعي السليم بمفهوم الديمقراطية بمعناها الإجرائي “حكم الشعب” وتظل المشكلة في سوء التطبيق أو الممارسة وليس في المفهوم ذاته الذي عانت البشرية كثيراً ولا تزال بسبب تعدد المنظورات لتطبيقه مع أن الديمقراطية منظومة متكاملة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً والمشكلة بدأت بظهور الرأسمالية كنظرية اقتصادية تقوم على أساس الحرية الاقتصادية تطورت بالتوازي مع توسع النفوذ الاستعماري الغربي للعديد من شعوب العالم وما ترتب على ذلك من نهب ثروات هذه البلدان ثم بدأت تبحث لنفسها عن نظرية سياسية تؤمن لها استمرار هذه السيطرة بأساليب مختلفة وقد وظفت لهذا الغرض جهود وأعمال مفكري وفلاسفة عصر التنوير وتحديداً رواد نظرية العقد الاجتماعي “روسو ، لوك،هوبز، موننسكبوه، سميث ... إلخ. المطالبين بحق الشعب في السيادة على نفسه وحكم نفسه بنفسه،فنقلت الحرية من المجال الاقتصادي إلى المجال السياسي متوجة بذلك ظهور النظرية اللبرالية السياسية القائمة على أساس الحرية السياسية بما نعنيه من حق الجميع في المشاركة السياسية وفقاً لمبدأ حكم الشعب نفسه بنفسه إلا أن الحرية الاقتصادية بما ينتج عنها من احتكار وتفاوت طبقي عصفت بالمساواة السياسية وهو ما أنتج نظرية مناوئة لها رؤيتها الخاصة لمدلول حكم الشعب نفسه بنفسه وهي النظرية الاشتراكية التي ظهرت كنظرية سياسية أولاً ثم بدأت تبحث لها عن نظرية اقتصادية تستند عليها في تطبيق رؤيتها السياسية لتحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية كأساس لحكم الشعب .. وبطريقة مغايرة للنظرية الرأسمالية, فلم يكن أمامها من خيار سوى إلغاء الحرية الاقتصادية والسياسية فشرعت باسم الديمقراطية وحكم الشعب لنظام سياسي “توتاليتاري” استبدادي أطلقت عليه الديكتاتورية الديمقراطية أو ديكتاتورية الشعب. # متخصص في التعددية السياسية والإصلاح الديمقراطي