جاء اجتماع إيباك (AlBAC) الأخير للتذكير بالنفوذ اليهودي داخل منظومة الحكم الأمريكية وهذه المنظمة الصهيونية تمثل المظلة الرئيسية لكل المنظمات اليهودية التي تدعم إسرائيل، فقد بدأ اليهود في دعم إسرائيل في وقت مبكر قبل إنشائها .. في عام 1912م ظهرت أول منظمة نسوية صهيونية تعنى بتقديم الدعم الصحي لليهود في فلسطين ثم تطور عملها، حيث صارت تنظم رحلات للشباب اليهود بواسطة منظمة الفجر (هشاجر) بهدف دعم الهجرة إلى فلسطين، وفي العام 1918م أنشئت المنظمة الأمريكية وكانت تتبنى سياسة الصهيونية وتدافع عنها في الأوساط الأمريكية وتقوم برصد أنشطة دوائر القرار الأمريكية وفي العام 1937م ظهر المعهد اليهودي لشئون الأمن القومي ومهمته رصد اتجاهات البنتاجون وترسيخ مفهوم “أمن إسرائيل يساوي أمن أمريكا” وهو يتولى اليوم تعميق هذا المفهوم ثم ظهرت منظمة النداء اليهودي الموحد عام 1939م وهذه تتولى جمع التبرعات لإسرائيل ثم ظهرت في 1971م “نداء إسرائيل الموحد” مهمتها جمع التبرعات للاستيطان في فلسطين، وهناك العديد من المنظمات الصهيونية التي تتولى دعم إسرائيل في كل المجالات منها العلمية والبحثية كرابطة معهد وايزمان وكذلك الحال في المجالات السياسية والاقتصادية. غير أن أخطر هذه المنظمات هو المعهد اليهودي لشئون الأمن القومي الذي يقوم بإنشاء علاقات مباشرة مع المؤسسات العسكرية الأمريكية والتنسيق مع جيش الدفاع الإسرائيلي، وكذلك مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الكبرى أو ما يعرف بنادي الرؤساء وهذا يمثل الإجماع اليهودي الذي يهتم بقضايا إسرائيل. وتأتي اللجنة الإٍسرائيلية الأمريكية للشئون العامة (AlBAC) والتي أنشئت عام 1951م لتمثل الإطار العام لكل المنظمات اليهودية الداعمة لإسرائيل بكافة أنشطتها.. وتتبع هذه المنظمة شبكات متعددة من بينها فرق اغتيالات لإزاحة كل من يعترض المشروع الصهيوني أو يعرقل مسيرته، وقد استطاعت المنظمات وعلى ما يقرب من قرن من الزمان أن تسيطر على مفاصل الدولة الأمريكية بل وتكرس عقيدة جديدة لدى معظم الأمريكيين بحيث يصبح دعم إسرائيل جزءاً من العقيدة المسيحية الإنجيلية وأصبحت الصهيونية بموجب هذا الاختراق تحتل مساحة كبيرة داخل الأوساط الدينية المسيحية بل إن كنائس عديدة برعاياها صارت تتبع الصهيونية، كل هذا الدعم المادي يتبعه ويترافق معه الدعم الإعلامي الذي تمثله كبرى شبكات التلفزة الأمريكية فإن (cnn) كبرى المؤسسات الأمريكية الإعلامية يملكها يهودي وحتى المجلات الخلاعية مثل Play boy وغيرها يملكها يهود. وإذا كانت هذه المنظمات تدعم الإرهاب الاستيطاني في فلسطين فإنها في المقابل تستعدي الحكومة الأمريكية ضد المنظمات الإسلامية التي تجمع تبرعات للمسلمين وعلى الأخص في فلسطين بدعوى الإرهاب وتمويله ليس هذا فحسب بل تقوم المخابرات الأمريكية باستدراج واعتقال مواطنين مسلمين من بلدانهم ليحاكموا في الولاياتالمتحدة بدعوى دعم الإرهاب ويشارك الأوروبيون في هذه الحرب ضد المسلمين وما حدث مع الشيخ المؤيد مثال فقط. ويوسف ندا الذي جمدت أمواله وخاض حرباً قانونية لاستعادتها لسنوات طويلة ثم تبين أن هؤلاء يدعمون مشاريع إنسانية. لقد ضيقت المنظمات اليهودية بواسطة حكومة أمريكا على العمل الخيري الإسلامي فحرمت ملايين المسلمين من المساعدات التي كانت تقدمها الجمعيات الخيرية الإسلامية بدعوى مكافحة الإرهاب فأغلقت عدد من هذه الجمعيات أبوابها في وجه المحتاجين وحتى المنظمات التي تشرف عليها دول تصنف بأنها معتدلة حُظر نشاطها وحتى التبرعات الشعبية اختفت صناديقها التي كانت في المطاعم وعليها ملصق “ادفع ريالاً تنقذ عربياً” وكانت رداً على شعار المنظمات الصهيونية “ادفع دولاراً تقتل عربياً” حتى هذه الصناديق التي كانت تدعم مخيمات اللاجئين اختفت وكل يوم تقل التبرعات لمنظمة الدعوة الإسلامية وجمعية الأقصى خوفاً من أمريكا، وفي إحدى الحفلات التي تقيمها سفارة بلاده بمناسبة الاستقلال اختلى السفير الأمريكي في إحدى البلاد العربية بأحد رجال الأعمال وعرض عليه صورة شيك بمبلغ ليس بتلك الضخامة بتوقيعه لصالح منظمة الأقصى وقال في أذنه إنك ياعزيزي تدعم الإرهاب، لم ينبس رجل الأعمال بكلمة المفاجأة ربما وأسرها في نفسه.. لم يتمكن من تذكير السفير بالدعم الأمريكي لإسرائيل ولم يطالب وهو عضو المجلس النيابي في بلده بتشريع يحرم دعم إسرائيل أو التعامل معها فقد كانت الرسالة واضحة. لا يحق اليوم لمسلم أن يدعم الضحايا الفلسطينيين في غزة والضحايا في أفغانستان الذين يشردون ويقتلون بأسلحة أمريكية وكان ذلك حلالاً ومندوباً وواجباً أيام الاحتلال السوفيتي وهو اليوم مكروه حرام ولست أدرى ما الفرق هناك وللأسف أثرياء عرب يتبرعون لإسرائيل لتمرير مصالحهم وربما يشاركون في غسل أموال لها. اليوم لا يعفى أحد من المسئولية تجاه القضية الفلسطينية خاصة والقدس يهوّد والفلسطيني يشرد. والله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين، وطالما عجزنا عن الجهاد بالنفس فلا أقل من الجهاد بالمال.