كنت قد أشرت يوم أمس إلى التحدي الأكبر الذي يواجه السلطة المركزية في محافظة صعدة الذي تمثّّل في إعادة النازحين إلى مساكنهم، وتأمينهم من شبح تهديد عناصر التمرد الحوثي، ثم توفير الخدمات وتواجد كافة أجهزة الدولة في تلك المديريات، وفرض هيبة الدولة وبسط سلطات الدستور والقانون، والضرب بيد من حديد على كل من يحاول أن يبتز المواطن أو يقلق راحته وسكينته. وبالرغم من أن ذلك لا يكفي فإنه من وجهة نظري الحد الأدنى، لأنني أعتقد أن تلبية حاجة الناس للأمن الشامل هو الركن الفاعل الذي على إثره تتم تلبية كافة المتطلبات الضرورية للحياة التي يمكن للمواطن أن يسعى إلى توفيرها من خلال التعاون، أو قد يصبر عليها حتى تأتي من قبل الدولة كالماء والكهرباء والهاتف والدواء، ولكنه لا يستطيع أن يفعل ذلك في غياب الدولة وعدم توفير الأمن، بل إن المواطن في تلك المناطق قادر على تحمل كل الظروف إلا القضية الأمنية. والمواطن يريد أن يرى الدولة في تلك المناطق هي الآمر الناهي الوحيد، وأنه على أتم الاستعداد للامتثال للدستور والقانون، فهل يدرك القائمون على شئون السلطة المحلية الذين يمثلون مختلف أجهزة وسلطات الدولة في المديريات والمراكز والعزل والقرى هذه الحقيقة، ومن ثم يقومون بهذا التكليف الدستوري والقانوني على الوجه المطلوب الذي يحقق الأمن والاستقرار، وهل أدركت السلطة المركزية أهمية توفير الإمكانات المالية والتقنية ومنح الصلاحيات اللازمة، وفعّلت الإشراف والرقابة والمتابعة؟!. إن الوضع في محافظة صعدة وضع استثنائي بكل ما تعنيه الكلمة؛ بحاجة إلى تواجد السلطة المركزية، وعلى أعلى المستويات لمساعدة السلطة المحلية في عاصمة المحافظة والمديريات لفرض هيبة وسلطات الدولة، وهذا يتطلب الاختيار الأمين والموضوعي للمسئولين الذين ينبغي ألا ينحازوا إلا إلى الدستور والقانون وفرض هيبة الدولة وسلطاتها. وأن يعملوا على منع التلاعب بقضايا الناس، ويواجهوا الإهمال والتواكل أو التخاذل في أداء المهام والواجبات الدستورية والقانونية، ويفعّلوا الأجهزة الرقابية والقانونية والقضائية لمحاسبة المخلّين بواجباتهم الدستورية والقانونية، ويضعوا حدوداً صارمة في هذا الاتجاه؛ ليكون المخل بأداء الواجب الدستوري والقانوني في مختلف المجالات عبرة للآخرين. ولئن كان التحدي الأكبر هو عودة النازحين إلى قراهم ومتطلبات تلك العودة؛ فإن قوة الدستور والقانون هي الفاعل الأكبر في هذا الاتجاه، وعلى المسئولين أن يعوا هذه الحقيقة؛ لأن أي تساهل في هذا الجانب - لا قدّر الله - ستكون عواقبه وخيمة. نأمل أن لا يحدث أي تراخٍ في هذا الاتجاه لنتمكن من حماية صعدة ونعمّرها من جديد بإذن الله.