يبدو أن الذين يثيرون الفتنة لا يقِّدرون عواقبها وليس لديهم أي استعداد لتحمل المسئولية والآثار الجسيمة التي خلفتها الفتنة ,ولأن الأمر كذلك فإن على الدولة أن تستفيد من أحداث صعدة من خلال التعرف على الأسباب والمسببات لما حدث وتعالج ذلك بعناية فائقة، ولايجوز أن تكتفي بوقف اطلاق النار وتعتبر أن الحرب قد وضعت أوزارها، لأن ذلك التصور إن تم فهو الخطر الذي يهدد المستقبل. والواجب الوطني المقدس الذي ينبغي للدولة القيام به في محافظة صعدة وكل المناطق النائية هو أن تكثف من تواجد أجهزتها وتفرض سيطرتها على تلك المناطق وتجعل المواطن يشعر أن أمنه واستقراره في مأمن من قبل الدولة ولاتوجد أية تهديدات عليه من أي خارج عن الدستور والقانون, وينبغي أن يرافق هذا التواجد المتمثل في فرض هيبة الدولة من أجل حماية المواطن ومنع الاعتداء عليه توفير الخدمات العامة من صحة وكهرباء واتصالات وطرقات وتعليم بل إن الواجب يحتّم على الدولة أن تقوم بإعادة النازحين إلى مديرياتهم وقراهم وتشعرهم بأنها معهم تعالج مشاكلهم وتوفر المتطلبات الضرورية للحياة الآمنة والمستقرة. إن مهمة إعادة النازحين إلى مساكنهم تمثل التحدي الأكبر أمام الدولة وينبغي أن تختار له أخلص المسئولين وأعظمهم إيماناً بقدسية التراب الوطني وبأهداف الثورة اليمنية ليشعل مصابيح الحرية ويزيل شبح العبودية والعنصرية والكهنوت, ويجعل المواطن في تلك المناطق وكأنه يعيش في قلب العاصمة ,وأن الدولة وحدها هي من تحميه بعد الله وتصون كرامته ,وتجعل الموظف يؤدي عمله وهو آمن على بيته وأهله ,والفلاح قادر على مزاولة نشاطه الزراعي وأن خير أرضه سيعود له ولن يأتي أحد يفرض عليه الإتاوات والنهب تحت مسميات الحق الإلهي ,وكذلك ينبغي أن تشعره الدولة بأنه آمن وأن الدولة كفيلة بحمايته وحماية نشاطه التجاري وينبغي أن يكون تحت الإشراف المباشر من السلطة المركزية وبقوة. ولئن كان التحدي الأكبر الذي ينبغي مواجهته بمسئولية في المحافظة هو إعادة النازحين إلى بيوتهم وتأمين حياتهم والبدء في عملية إعادة إعمار صعدة , فإن الواجب يحتم على السلطة المركزية للدولة أن تختار لهذه المهمة أخلص الناس وأكثرهم نزاهة وأعظمهم ولاءً وانبلهم صدقاً ,وأن تضع العقوبات الرادعة لكل من يتهاون في اداء الواجب أو يساعد على إثارة الفتنة ,فهل نجد لهذا الطرح إذناً صاغية وقلباً مفتوحاً وضميراً حياً ؟ نأمل ذلك بإذن الله.