إن ترك الساحة نهباً للأفكار الظلامية يعني البدء في أزمة جديدة قد لاتحمد عقباها، فعلى سبيل المثال ماحدث في محافظة صعدة من حروب تدميرية نتيجة للتمرد الحوثي وإيمانه بالحق الإلهي قد خلف مشكلات نحن بحاجة إلى زمن ليس بالقصير إلى معالجة آثارها. ولعل أبرز التحديات الميدانية في هذا الاتجاه هو إعادة النازحين إلى مساكنهم، وكنت قد تناولت ذلك من قبل، غير أن الذي ينقل من الميدان إلينا أن التعبئة المأجورة مازالت قائمة من أطراف ظلامية تريد أن تعيد الكرة من جديد دون أن يجد المواطن في كثير من المديريات من يبصَّره بحقيقة الأمور ويقوم بدور التوعية وفضح الزيف والأكاذيب التي يروج لها البعض. إن القيام بدور التوعية ونشر الفكر المعتدل القائم على الوسطية والاعتدال بات على درجة من الأهمية في مديريات محافظة صعدة ولايجوز الاكتفاء بمتابعة النقاط الست، بل لابد من توعية فكرية وثقافية ترسخ التسامح والألفة والمحبة وتفضح الزيف والكذب ما لم يقم الموجهون والعلماء والمرشدون والمثقفون والمفكرون والسياسيون والاقتصاديون والقانونيون والمسئولون التنفيذيون بواجب التوعية فإن أصحاب الفكر المتطرف والساعين إلى إثارة الفتنة سيجدون في تلك المناطق البيئة الحاضنة للأفكار الضلالية والعنصرية، وسيعمل أولئك على استغلال انعدام الوعي في بعض المواقع وضعفه في مواقع أخرى ويغرس أفكاراً منحرفة تضر بمستقبل الأجيال وتزرع الفتنة من جديد. ولئن كان الجيش والأمن قد قام بدوره الدستوري على الوجه المطلوب فإن على الأجهزة والجهات المعنية بالتربية والثقافة والإرشاد والإعلام أن تقوم بواجبها ولاتترك الساحة نهباً للأفكار الضلالية والعنصرية والمثيرة للفتنة، وتلك مسئولية دينية ووطنية مقدسة ينبغي القيام بها على الوجه المطلوب الذي يعزز من روح التسامح والمحبة والألفة ويجسد الاعتدال والوسطية وينبذ الغلو والتطرف ولايتصور أحد أن هذه المسألة سهلة بل هي مهمة في غاية الصعوبة تحتاج إلى اختيار العناصر القادرة على الأداء في الميدان التي تجمع ولاتفرق تؤلف ولاتخلق الاختلاف ولايجوز الادعاء بعدم وجود الامكانات، بل لابد من الانفاق مهما كان فهل يدرك المعنيون ذلك قبل فوات الآوان نأمل ذلك بإذن الله.