لم يكن الأمر غريباً على يمن الإيمان والحكمة والوحدة أن تتقدم بمبادرة حكيمة لتعزيز الوحدة والتعاون وتطوير العمل المشترك بين الدول العربية ولردم الهوة وحالة الشتات والضعف التي تعيشها أمتنا العربية في الوقت الراهن, ويكفي أن تأتي هذه المبادرة العظيمة من شعب عاش تجربة مريرة من التمزق والشتات والفرقة حتى 22 مايو 1990م. عندما بزغت شمس الوحدة الوهاجة لتقضي على ظلام الفرقة والتمزق والشتات وتعلن للعالم أن اليمنيين أكثر حكمة وإرادة وإدراكاً لمعنى الوحدة ولم الشمل في زمن الشتات. وأدركت بعدها شعوب العالم المتقدم في أوروبا معنى الوحدة فتحققت وحدة الألمان أولاً ثم توحدت أوروبا بأكملها لتصبح كياناً سياسياً واقتصادياً واحداً رغم اختلاف الثقافات والأنظمة والاتجاهات بين شعوبها المختلفة. والشيء الجميل أن اليمن ممثلة بقيادتها السياسية بزعامة فخامة الأخ الرئيس علي عبد الله صالح، وإن ظلت مشغولة بهمومها الداخلية ،إلا أنها لم تجعل تلك الهموم تثنيها عن الاضطلاع بمسؤولياتها القومية تجاه أمتها ومناصرة قضاياها والانتصار لتطلعاتها، تدفعها إلى ذلك رابطة الانتماء الحضاري الأصيل والعريق لهذه الأمة. وكما أشار فخامة الرئيس علي عبد الله صالح فإنه لا سبيل لهذه الأمة سوى الانتقال من إطار مؤسسة جامعة الدول العربية إلى اتحاد الدول العربية، باعتبار ذلك أمراً تفرضه ضرورات قومية مُلّحة لصون مصير هذه الأمة ووجودها وضمان عزتها في هذا العصر الذي لا يعترف إلاّ بالأقوياء. ولأننا كيمنيين ندرك أهمية وعظمة الوحدة فإننا نحب ونتمنى أن يعم هذا الإدراك والإحساس كافة شعوبنا العربية ذات الدين الواحد والعادات والثقافات المشتركة والمصير الواحد فتدرك هذه الشعوب أن أساس قوتها وتقدمها وأمنها واستقرارها يرتبط بمدى توحدها وتعاونها مع بعضها البعض ووقوفها صفاً واحداً في وجه التحديات والقوى والأطماع الخارجية. إن مبادرة اليمن ليست من باب الدعاية السياسية أو المزايدة أو تأكيد الحضور في الوسط السياسي العربي.. إنها تجربة شعب وإحساس أمة بواقعها المرير ووضعها البائس وحاجتها الماسة اليوم إلى الوحدة ولم الشمل والتعاون والتكاتف للدفاع عن مقدساتها وتعزيز مكانتها ووضعها بين الأمم والشعوب. إن مبادرة اليمن واليمنيين لتحقيق الوحدة العربية تحتاج - بلا شك - إلى مبادرة متحمسة لتجسيدها على أرض الواقع من كافة الحكومات والشعوب العربية فثمار وخيرات هذه المبادرة لن تعود على اليمن واليمنيين فقط، لكنها ستعم كل أرجاء أمتنا العربية وتعزز من موقعنا السياسي والاقتصادي في عالم اليوم، هذا العالم الذي يتجه إلى التوحد والتلاحم في كيانات سياسية واقتصادية عملاقة تدرك تماماً معنى وقيمة الوحدة والتعاون المشترك في تحقيق التقدم والنمو والازدهار للدول المتوحدة في العصر الحديث. * أستاذ التسويق المساعد جامعة تعز [email protected]