الوضع العربي الراهن يظهر عدم صوابية السياسة العربية وعدم انسجامها، وتعارضها فيما بينها، بل وتصادمها في أحيان كثيرة مع بعضها البعض تجاه الآخر من الأصدقاء، والأعداء، وتباينها واختلافها، وتعارضها تجاه القضايا العربية المصيرية.. وفي طليعتها قضية التحرير، واستعادة الحقوق العربية الفلسطينية المغتصبة.. وإذا كان هناك من أسباب وراء ذلك فيعود إلى مايلي: 1 تخلف النظام العربي، وافتقاره إلى الخبرة السياسية. 2 وقوع النظام العربي تحت طائل التشتت، والتمزق. 3 ضعف النظام العربي ووقوعه تحت طائل التبعية والإلحاق. 4 اعتقاد النظام العربي خطاً بفاعلية النظام الدولي وركونه عليه في حل قضاياه ومشاكله. 5 عدم وعي النظام العربي بالعوامل والأسباب والمؤثرات الموجهة والحاكمة للعلاقات الدولية.. وتمسكه بعدالة قضاياه وإمكانية حلها وفقاً للميثاق والقانون الدولي، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وحتى اليوم مازال النظام العربي القطري ورغم مرور مايقارب من ستون عاماً من التجربة والتعامل والتعاطي مع النظام الدولي ومؤسساته وقراراته.. لم يستوعب أن النظام الدولي ليس الآلية التي بإمكانها أن تعيد الحقوق المسلوبة وفقاً لقراراته.. لأنه نظام منحاز كلية للعدو والصهيوني.. ويعلن ذلك على الملأ إلا أن العرب يصمّون آذانهم، ويغضون أعينهم عن تمرد، وعصيان الكيان الصهيوني للقرارات والشرعية الدولية. ما لم تستوعبه السياسة العربية أن العلاقات الدولية تحكمها، وتتحكم فيها المصالح والمنافع، ولا وجود لميثاق أمم متحدة، ولا قانون دولي، ولا إعلان عالمي لحقوق إنسان، ولا أي مرجعية دولية من هذه الشاكلة في العلاقات الدولية. العلاقات الدولية تحكمها المصالح والمنافع.. فحسب مصالح ومنافع القوى الكبرى لدى العرب يكون موقفها مع العرب لكن الذي حدث هو العكس.. سلّم النظام العربي كل شيء للنظام الأمريكي، حتى قراراته، ومنذ عقود مضت راجياً ومؤملاً في عدالة وقانونية الدولة الأمريكية.. لكن هذه الدولة ظلت كما هي منحازة للعدوان الصهيوني وحامية له، وحافظة لأمنه، وذائدة عنه بكل قوة، وضد الحقوق العربية العادلة.. ومازال العرب يؤملون فيها خيراً.. مع أنها وحتى اللحظة، وفيما بعد اللحظة لن تكون وسيط الخير والعدل والسلام.. وإنما نصير الظلم والاحتلال والاغتصاب الصهيوني. فإلى متى يظل النظام العربي يسلّم أمره إلى أعدائه، وينتظر منهم عدلاً.؟ إن عودة الحق والعدل والسلام الحقيقي بيد العرب لو أرادوا، واستخدموا أسلحتهم السلمية والعسكرية وتوزيع المنافع والمصالح مع الآخرين حسب مواقفهم ونصرتهم لقضايانا العادلة.