على القادة العرب وقيادات العالم الإسلامي أن يعوا ويدركوا حقائق تاريخية، وتجارب انسانية عبر التاريخ ان العلاقات الدولية لا تحكمها القوانين الدولية، ولا ثوابت، ولا إعلانات حقوق الإنسان وحقوق المرأة، ولا تحكمها أخلاق. وإنما تحكمها مصالح، وبقدر هذه المصالح تكون العلاقات إما مع أو ضد بغض النظر عن الحق، وأيضاً حسب نسبة هذه المصالح تكون نسبة العلاقات مع أو ضد.. فإذا كانت المصلحة مع بلد تساوي عشرة في المائة يكون موقف هذه الدولة معك عشرة في المائة و90% إما ضدك، أو لا ضدك ولا معك، وحسب دوام المصالح يكون دوام العلاقات، فاستمرار علاقات «المعية» ترتبط باستمرار المنفعة أو المصلحة.. فإذا ما انتهت المصلحة انتهت هذه العلاقة وينتهي معها الموقف «مع». أيضاً إذا ما هددت هذه المصالح لبلد ما في منطقة ما.. فاعلم أن التهديد للمصالح هذه إنما يهدف لتغيير موقف هذا البلد وسياسته تجاه البلد الذي قام أو مصدر التهديد وسياساته؛ أي ان السياسة الدولية، والعلاقات العالمية لا ثبات فيها ولا أخلاق ولا قيم ولا مبادئ نبيلة وإنما فيها مصالح، وهو ما يؤدي إلى عدم ثبات السياسات والعلاقات الدولية؛ لأن المصالح متغيرة من وقت إلى آخر؛ لأن المصالح ليست مصالح في الحقيقة لكنها أطماع، وخاصة بالنسبة للقوى الكبرى في العالم سواء كانت قوى اقتصادية وعسكرية أم قوى اقتصادية فقط.. فأطماع هذه القوى هي التي تحكم وتوجّه سياسات هذه القوى، وبالتالي السياسة العالمية، والعلاقات الدولية وهذه القوى هي القوى في الشمال من العالم ممثلة بالولاياتالمتحدة وكندا وأوروبا الغربية وروسيا، والصين، واليابان. وتعالوا نرى أمثلة حيّة على ذلك القضية العربية الفلسطينية؛ نجد أن الحديث الأمريكي عن العلاقات العربية الأمريكية، وكذا الحديث العربي عن هذه العلاقات أنها علاقات متميزة، ووطيدة، علاقات تعاون وصداقة.. مع أني لا أرى في هذه العلاقات سوى المصالح الأمريكية في الوطن العربي.. أما العرب لا مصلحة لهم من أميركا سوى العدوان والتآمر على العرب لصالح عدوّهم «الكيان الصهيوني» ومع ذلك يدفن العرب رؤوسهم في الرمال، ومازالوا يرون في الولاياتالمتحدة الصديقة الحميمة رغم أنها تدعم وتساند وتمد العدو الصهيوني واغتصابه وعدوانه ورفضه للقرارات الدولية، وعلى مسمع ومرأى من العالم، وليس العرب وحسب دون أن يتقدم العرب خطوة واحدة نحو المصالح الأمريكية للضغط عليها للوقوف إلى جانب الحق العربي الفلسطيني وتطبيق قرارات الشرعية الدولية. ويا ليت يقتدي العرب بالولاياتالمتحدة التي سعت لتهديد المصالح الفرنسية في أفريقيا وفي أقرب الدول لفرنسا جزاء لموقف فرنسا ضد حرب الولاياتالمتحدة في العراق وعدم تأييدها، فأحست فرنسا بالخطر، وأرادت أن تحسن موقفها مع الولاياتالمتحدة والصهيونية فتقدمت بالقرار 1559 إلى مجلس الأمن الخاص بانسحاب القوات الأجنبية من لبنان ثم القرار «1701» لوقف القتال بين حزب الله والصهاينة، وهي قرارات توافق السياسة الأمريكية هذا مثل لتغير المواقف الدولية نتيجة لتغير أو تهديد المصالح، أو بتعيير أدق «تهديد الأطماع»!.