تمثلت أهم وأول مظاهر الانتقال من مرحلة الشرعية الثورية إلى مرحلة الشرعية الدستورية بصدور قانون الأحزاب والتنظيمات السياسية رقم “66” لسنة 1991م إنقاذاً للنص الدستوري في المادة “4” من دستور الجمهورية اليمنية بأن “الشعب مالك السلطة ومصدرها... الخ” وتبعاً لذلك برز إلى الساحة السياسية ما يقارب 46حزباً وتنظيماً سياسياً وقد تباينت الآراء إزاء هذا الظهور السريع لهذا الكم من الأحزاب وهناك من اعتبر هذا الكم فيه قدر من المبالغة ولا يعبر عن حجم التعددية القائمة في المجتمع وبالتالي لا يخدم التطور الديمقراطي، ومن اعتبرها ظاهرة صحية تعبر عن تطلع المجتمع نحو إعمال حكم الشعب ودليل على استجابة وتقبل المجتمع للتعددية الحزبية، وقد تميزت هذه الفترة وحتى إجراء أول انتخابات برلمانية في ال27من إبريل 1993م بحراك سياسي جاذب للمشاركة السياسية، وبالفعل شارك عدد كبير من هذه الأحزاب في الانتخابات البرلمانية 1993م والتي شكّلت بما أسفرت عنه من نتائج أول محطة فرز حقيقي للقوى السياسية الفاعلة كان من المفترض بالقوى السياسية المشاركة فيها تقبلها والاستفادة من نتائجها باعتبار أن الديمقراطية بحاجة إلى رعاية من جميع الأطراف لاسيما وقد وصفت هذه الانتخابات لاحقاً بأنها شهدت أقوى عملية تنافس حزبي على السلطة وهذا هو المهم لأنه يعني إن مدماك الديمقراطية بما تعنيه من حكم الشعب كان قوياً من البداية، حيث أن ما شهدته اليمن من أحداث وأزمة سياسية أفضت إلى اندلاع حرب الانفصال صيف 1994م لم تؤد إلى النكوص والتراجع عن الخيار الديمقراطي وإنما تعزز هذا المسار بما تضمنته التعديلات الدستورية عام 1994م من نص دستوري واضح يؤكد موقع التعددية السياسية في الدستور تمثل بما نصت عليه المادة “5” من الدستور على أن النظام السياسي للجمهورية اليمنية يقوم على التعددية السياسية الحزبية بهدف التداول السلمي للسلطة ... الخ، والتداول السلمي للسلطة هو المعني الحقيقي لمبدأ حكم الشعب، كما تضمنت هذه التعديلات النص على انتخاب رئيس الجمهورية مباشرة من الشعب وليس عبر البرلمان وقم تم تنفيذ هذه الاستحقاقات في مواعيدها الدستورية المحددة.. ثاني دورة انتخابية برلمانية في إبريل 1997م، وأول دورة انتخابية رئاسية في سبتمبر 1999م، والمعنى العملي لذلك هو أنه وبصرف النظر عن أية مآخذ أو قصور رافقت هذه الممارسة بسبب حداثة التجربة أو أي أسباب أخرى فإن إنكار الحقائق النا تج عن المكايدة الحزبية لا يخدم الديمقراطية ويعيق ترسخ مبدأ حكم الشعب في الواقع العملي.