اسرائيل تستعد لشن حرب جديدة واسعة النطاق تشمل سورياولبنانوغزة في وقت واحد، وتستعد لها في الميدان وفي دهاليز السياسة، وتستصدر الحكومة الاسرائيلية التشريعات من الكنيست لاستمرار الاستيطان في القدس، وتشديد الحصار على غزةوالقدس، وتعمل على سحب هوية فلسطينيي 48م الذين يحملون الجنسية الاسرائيلية، وتسهّل مهمة المتطرفين اليهود الذين يدعون إلى طرد هؤلاء ومعهم أبناء غزة الموجودون في الضفة الغربية. وقد أجرى الجيش الاسرائيلي عدة مناورات كبرى خلال بضعة أشهر تحاكي ما وصفه الناطق في الجيش الاسرائيلي هجوماً صاروخياً شاملاً من الثلاث الجهات، ويأتي ذلك عقب الكشف عن مشروع أمريكي - اسرائيلي ويسمى «القبة الحديدية» بمبلغ ثلاثمائة مليون دولار لصناعة صواريخ أرض - أرض قصيرة وبعيدة المدى تتصدى لمنظومات الصواريخ التي لدى حماس وصواريخ جراد لدى هذه الحركة وحزب الله وصواريخ اس 600 الروسية، وصواريخ اسكود البعيدة المدى التي افتعلت اسرائيل مشكلة من عدمها عن هذه الصواريخ بعد تقرير جولدستون الذي أدان اسرائيل بارتكاب جرائم حرب في غزة. ولإبعاد الرأي العام العالمي عن هذه الجرائم التي كان آخرها جريمة اغتيال محمود المبحوح، القيادي في حركة حماس بدبي في ديسمبر الماضي وتم الكشف من قبل شرطة دبي عن تورط أكثر من ستة وعشرين اسرائيلياً في المخابرات الموساد والشاباك وآخرين معهم من جنسيات أخرى زودتهم المخابرات الاسرائيلية بجوازات سفر مزيفة آيرلندية وبريطانية واسترالية، ومازالت الشرطة الدولية «الانتربول» تلاحق المتهمين الذين فرّ بعضهم عقب الجريمة وبعد أن أصدرت شرطة دبي بياناً حول هذه الجريمة قبل ثلاثة أشهر. لكل ذلك قامت اسرائيل باختلاق ذرائع تغطي بها أعمالها الخطيرة في الضفة الغربية وخاصة القدس، وتواصل حصار غزة، والتهرب من وضع أسلحتها ومفاعلاتها النووية تحت رقابة هيئة الطاقة الذرية الدولية؛ إذ لم يحضر رئيس وزرائها نتنياهو المؤتمر الدولي للحد من انتشار وحظر الأسلحة النووية الذي عقد قبل أسابيع عندما يئس من إثناء الدول خاصة مصر ومجموعة عدم الانحياز عن مطالبتها اسرائيل بالتوقيع على المعاهدة، والسماح لمفتشي الوكالة الدولية بالوصول إلى مخازنها ومفاعلاتها النووية عن الاستمرار والتمسك بهذا الطلب من أجل ضمان تحقيق هدف جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من الأسلحة النووية والبيولوجية. وبدلاً من ذلك عملت اسرائيل على تحريض الدول الكبرى الخمس زائداً ألمانيا على تكثيف ضغوطاتها على إيران ومعها عدة دول عُبئت ضد إيران بحجة أنها - أي إيران - تهدد أمن المنطقة وعلى رأسها اسرائيل ودول الخليج بأسلحتها النووية، وبدورها تتحدى إيران تلك الدول بإجراء مناورات في الخليج ومضيق هرمز وبحر العرب بمختلف الأسلحة التي تقول إن معظمها صنعتها من دون أية مساعدة تقنية خارجية؛ وهي أسلحة بحرية وجوية وبرية متطورة كما أكد ذلك مراقبون وخبراء عسكريون أمريكيون وغربيون. ويؤكدون أن هذه التطورات في الصناعة العسكرية الإيرانية هي التي منعت اسرائيل بالدرجة الأولى من توجيه ضربات للمفاعلات النووية الإيرانية كما بادرت في عام 80م من القرن الماضي في تدمير مفاعل تموز النووي العراقي قبل أن يبدأ العمل بمساعدة المهندسين الفرنسيين الذين قاموا ببنائه. وعليه فقد كثّفت أمريكا وبريطانيا وفرنسا ومعها ألمانيا ضغوطاتها على كل من روسيا والصين للموافقة على استصدار قرار من مجلس الأمن بفرض عقوبات جديدة فعالة ضد إيران مالم تخضع - كما يسمونه - لرأي المجتمع الدولي بالتفتيش المباشر وغير المقيد بأي إجراءات إيرانية احترازية ولو بالمراقبة لما تقوم به هذه الفرق كما كان الحال في العراق على مدى اثني عشر عاماً. وإلى الآن يبدو أن اسرائيل قد نجحت في عملية التتويه والحشد معاً، وأبعدت عن نفسها - ولو موقتاً - شبح الملاحقة القانونية والسياسية على جرائمها التي ما كان لها أن تتم وتتعدد لولا الفيتو الأمريكي الذي أبطل مفعول القرارات الدولية منذ عام 48م حول فلسطين وجيرانها الذين احتلت أراضيهم في جولات العدوان على مصر وسورياولبنان والأردن في أعوام 73.67.56م وأخيراً عام 2006م في لبنان و2009م في غزة، مع ما تخلل هذه الفترات والجولات الحربية من توسع ومن قتل واغتيال وطرد وسجن للفلسطينيين وحصار واعتداءات يقوم بها المستوطنون صباح مساء بمساعدة الجيش والشرطة الاسرائيلية.