من الممكن اختزال العلاقات التاريخية العربية الأفريكانية في جملة من المحددات العامة ذات الصلة بتفاصيل لاحقة ومؤكدة، وفي معرض الإشارات العامة للعلاقات العربية الإفريقية والتي مهّدنا لها بالجانب الثقافي في سياق مقالين سابقين سنصل حتماً إلى تخوم العصر وما آلت إليه الأمور من تدهور بيّن، وغياب عربي فادح، وسنبدأ بالخلاصات وعلى النحو التالي : إن العلاقات العربية الإفريقية محكومة بمعنى التاريخ والجغرافيا .. الزمان والمكان، ولكن أيضاً بأنماط وأنساق الحياة والثقافات. إن هذه العلاقة ليست متصلة بعصر التدوين التاريخي للثقافة العربية الإسلامية، بل هي سابقة على ذلك، لأن البراري والبحار التي كانت تربط بين الجزيرة العربية وإفريقيا من جهة، وبين شمال إفريقيا ووسطها من جهة أُخرى، وامتداداتهما، كانت ناقلاً حقيقياً للتواشج البشري والثقافي منذ الممالك القديمة السابقة على الإسلام . هذا النمط من العلاقات الثقافية ليست وحيدة ذاتها في العالم، بل هي صورة مشابهة لذات العلاقات الإنسانية العابرة للأجناس والبحار والمحيطات. التداخل النسيجي بين العرب والأفارقة تجاوز تخوم« الثقافة العالمة» ليخلف نسيجاً عرقياً خلاسياً بامتياز، مما يمكننا اعتباره سياقاً طبيعياً للعالم العربي من المحيط إلى الخليج . تجلّت وتتجلى أشكال العلاقات العربية الإفريقية في كل جوانب الفكر والثقافة والأدب، ونمط الحياة، والدين، وصولاً إلى المصالح المتشابكة والتي تعبر عن واحدية وتنوع العبقريتين الزمانية والمكانية للعرب والأفارقة . يمكننا أن نصل إلى خلاصة الخلاصة وميزانها ثنائية عربية أفريكانية توصلنا إلى واحدية «عرب أفريكانية».