قد يرى البعض من القراء أن هذا السؤال استفزازي ومهين ولم يأخذ بالاعتبار الأذكياء والمخلصين لهذه البلاد أرضاً وشعباً, لكن الذين يعرفون ما آلت إليه الزراعة بالتحديد من تدهور ليس بالكم وإنما بالكيف في السنوات الأخيرة لقال أكثر مما عناه السؤال لاسيما إذا رغب في شراء فاكهة من الفواكه أو سلعة زراعية أخرى ويقارنها بغيرها التي تأتينا بالتهريب أو بدونه من كل القارات.. في كل موسم تنزل فيه الفواكه المحلية والتي تظهر مبكراً مع بداية شهر مارس يستغرب الزائر لبلادنا من البائع الذي يعرض الفاكهة بين الشمس والأتربة وفي نفس الوقت يشاهد من يشتريها ويبدأ بتناول حبة منها خارج الوزن فلا يكملها ويرمي بنصفها بين أرجل المارة كما جرت العادة في بصق مخلفات القات والشمة وغيرهما. فالمزارعون لم يتعظوا مما لحق بإنتاجهم ومزارعهم من أضرار نتيجة الاعتماد المتزايد على المبيدات الزراعية لاختصار الوقت الذي لايتعدى أسابيع قليلة من ظهور الفاكهة وخروجها من أكمامها وإنما يسارع في غمرها بالمبيدات المطحونة والسائلة لينزلها إلى الأسواق قبل أوانها بهدف جني المال الوفير قبل أن يقوم غيره بذلك. وهذا التصرف ألحق ضرراً بالتربة وبالسلالات مثل ما أصاب الناس بأمراض السرطان المتعددة التي ارتفعت نسبتها بقدر زيادة التحذيرات من مغبة الاستمرار في استخدام أخطر أنواع المبيدات في القات والفواكه والخضروات ، وقد اتصل بي أحد الموظفين بالمركز الوطني لمواجهة أضرار القات ومكافحة المبيدات غير الصالحة والمشروعة, وذكّرني أن هذا المركز استُحدث مؤخراً وهو يتبع وزارة الزراعة وينتظر أن يباشر عمله بصورة كاملة بعد إقرار ميزانيته وتحديد آلية تحركه ابتداءً من العاصمة وصولاً إلى المحافظات اليمنية كافة.. كان الدافع لاتصاله كما قال هو التعقيب الإيجابي على ماكتبت حتى الآن في الشأن الزراعي والبيئي وما آلت إليه موجة المبيدات الخطرة من أضرار فادحة في الأرض والبشر والثروة الحيوانية وتوسع في زراعة القات لايقف أمامه أية سلطة بفعل التراخي من قبل الجهات المعنية بحماية الإنسان والبيئة والزراعة والمياه من كل الأخطار التي أصبحنا نعرفها ونصاب بالدهشة من عدم تعاون المواطنين فيما بينهم لكبح جماح خطر المبيدات التي بلغ عدد أنواعها الألف بحسب إحصائية من وزارة الزراعة.. فأين التوعية وما جدواها التقييمية التي مضت عليها سنوات عبر التلفزيون خاصة؟ ولماذا لايفكر القائمون على الشأن الزراعي والبيئي بطرق أخرى في التوعية والتنفيذ للسياسة المعلنة التي تلامس تطلعات المسؤولين والخبراء المحليين الذين يمكن أن يسهموا في معركة الدفاع عن مستقبل الإنسان وصحته وحياته المهددة بالانقراض بسبب هذه المواد القاتلة وبسبب الجهل المركب المسيطر على غالبية المجتمع.