ما حدث في مدينة عدن الوادعة الآمنة خلال الأيام القليلة الماضية من هجوم ضار شنه مسلحون على مبنى الأمن السياسي في منطقة "التواهي " يفتح الباب لأسئلة عديدة ومتنوعة، فالهجوم المنسوب حصراً للقاعدة، عطفاً على تصريحات وتداعيات ما بعد الحدث التراجيدي، يُحيلنا مباشرة إلى أساليب جديدة وغير مألوفة، فالمعروف حصراً أن الجماعات المنتمية لما يسمى بتنظيم القاعدة تعتمد على الهجمات الفردية ذات الطابع الانتحاري، وأنها ليست مؤهلة لهجمات من ذلك النوع الذي يتطلب أنساقاً من المهاجمين المُدجّجين بمختلف أنواع الأسلحة، والرائين لما بعد العملية، ضماناً لنجاح الهجوم، وتحقيقاً للهدف، بل استباق كل ذلك بلوجيستيات مكانية وزمانية تنتمي إلى عالم المهنية العسكرية الواضحة. ومهما يكن من أمر الهجمة واستتباعاتها السياسية والميدانية الباهظة، فإن " القاعدة " .. إن كانت هي المعنية بما حدث، ستكون قد قامت بنقلة نوعية في أعمالها ضد الدولة، بل قامت بخطوة كبرى للانتقال من مربعها السحري في مثلث " شبوة / الجوف / مأرب " لتصل إلى دُرة المدن اليمنية.. عدن الساحلية، غير المُسيّجة بالعصبيات القبلية.. وغير المتآلفة تاريخياً مع اللادولة .. ويزداد الأمر فداحة إذا عرفنا أن منطقة التواهي هي أكثر المناطق المُحصنة بسياجات طبيعية، حيث تتموْضع بين الجبل والبحر. وبالمقابل، فإن مبنى الأمن السياسي العتيد، والذي كان هو ذات المبنى لأمن الدولة في فترات سابقة، يعتبر من أكثر المباني صعوبة في الاختراق، لكونه يقع مباشرة بين البحر الواسع العميق، والامتداد الأخضر لحديقة الشهداء التي يليها الشارع العام، ويقع المبنى أيضاً بجوار مبنى الإذاعة والتلفزيون المحروس عسكرياً على مدار الساعة مثله تماماً، الأمر الذي يجعله هدفاً عصياً وثميناً في آن واحد.. وللحديث صلة.