هل يمكن أن يتحول الحب والولاء إلى كراهية وعداء ورغبة في الانتقام؟ وهل يمكن أن تتحول القلوب إلى مخازن حقد وبغضاء؟ وماهي الأسباب والمبررات التي يمكن أن يحدث في ظلها ذلك التحول المريع؟ هذه الأسئلة مبعثها الوحيد مايحدث في الواقع على مختلف المستويات وفي علاقات الناس ببعضهم وبأوطانهم.. حين نقف على بعض من التصرفات والأفعال والأقوال وبعض العلاقات نرى في الظاهر مايؤكد بأن الحقد والرغبة في الانتقام هما سيدا كل المواقف, وماأحاديث الحب والولاء والوطنية سوى الزيف والخداع والتضليل.. الأفعال تكشف الحقائق وكذلك الأقوال كثيراً ماتزل الألسن فتنطق بما في القلوب وتظهر خبايا النفوس وتفيض الأحقاد من كل لون.. لامبررات يمكن أن تشفع لأصحابها الذين اعتنقوا دين الكراهية والشر وصارت كل أعمالهم رغبة في الانتقام من كل ماحولهم دون استثناء.. في جلسة حديث عن الحقوق صب المجتمعون جام حقدهم على كل شيء في هذا البلد وأظهروا رغبة جامحة في الانتقام من الجميع والوطن في المقدمة. تحول مسار الحديث إلى عداوة وبغضاء سوف تدمر كل مايصون الحقوق ويحافظ عليها وهكذا نطقت ألسن القوم بالصريح والمبهم من القول.. فماالذي سيبقى إذا ذهب الجمل بما حمل؟ أقسم أن الأحقاد الشخصية والرغبات والنزوات والأهواء هي من تقف وراء كل المشكلات والمصائب ماحدث منها ومايحدث وماسوف يحدث وهي التي تقف خلف الأنشطة والفعاليات التي تتطاير من عيون أصحابها شرارات الحقد والكراهية بجهل وطيش فيكيلون التهم جزافاً ويضعون المبررات لكل قول أو عمل يخدم أحقادهم ورغباتهم ومصالحهم.. بعدما سمعت في تلك الأحاديث وفي طريق عودتي رأيت عبارة مكتوبة على جدار لطالما سمعت بها من قبل، يقول كاتبها: إذا انتهت المصالح ظهرت الأحقاد. ولاأدري ماهي المناسبة التي دفعت الكاتب لأن يشتري طلاء أحمر اللون ويخط بالعريض هذه العبارة ليقرأها كل من يمر من ذلك المكان. والحقيقة أنني اتفق تماماً مع مضمون هذا القول ومعناه وإن كنت لااتفق مع أسلوب الكتابة على الجدران, المهم أن الكلام المكتوب قد لامس قناعة عندي خصوصاً في تلك اللحظات التي كنت أحاول جاهداً أن أجد تفسيراً منطقياً لما سمعته من المتحدثين بالشر والعدوان والرغبة في الانتقام وهذه الرغبة لاأفهمها ولاأجد لها تفسيراً لولا أنها قد بدت بوضوح لايقبل بحُسن نية المستمع ولامجال لإسقاطها في حوض البراءة النقي الطاهر.. اعترف بأن القلق يأخذ مكانه في الوعي حين أسمع مثل تلك الأقوال وحين أرى شرارات الحقد تتطاير من أفواه البعض وعيونهم وأرى أن ذلك الفعل لايفرق بين صغير وكبير ولايفرق بين الأشخاص والأوطان ويزيد قلقي ويتعاظم كلما نطقت الكراهية ببلاغة واستدل أصحابها بآي من الذكر الحكيم وأحاديث نبوية شريفة ووضعوها في غير سياقها وكلما رأيت نيوب الشر مكشرة في وجوه الخير ووجه هذا الوطن الذي لم يزل مبتسماً رغم الأذى والألم.