لم أجد في بعض الأشخاص الذين يتلونون بألوان مختلفة مايمكن أن أصنفه حرصاً على الوطن أو غيرة عليه أو حباً في الأمن والاستقرار أو رغبة في حياة العدل والمساواة أو نزعة إنسانية تسامحية أو جنوحاً إلى هموم المواطن اليومية وانقطاع سبل الرزق لديه، بمعنى أكثر تحديداً لم اجد فيما أراه من أفعال أو أقرأه من أقوال أو أسمعه غير الرغبة العدوانية والأنانية والحقد الشخصي والجنوح الفاحش إلى الدمار والخراب وتغذية الصراعات وإشاعة الفتنة وكأن كل ذلك مهمة أساسية في أولئك الأفراد الذين يزينون القبيح والفجور ويكيلون بمكاييل ما أنزل الله بها من سلطان . إن الغريب الفاجع أن يصدّق البعض المقارنات الفجة بين عناصر الشر لمحاولة تزيين العدوان والوقوف إلى جانب الرغبة في الاستعباد والإذلال بدلاً من الحرية والإنسانية والأكثر من ذلك أن يظن البعض أن تلك المقارنات العدوانية فعل يقصد به الخير ولم يدرك أن من يطرح مثل ذلك لايهمه وطن لا من قريب ولا من بعيد بقدر مايهمه الانتقام الفاجر من الوطن وأهله بغض النظر عن مكوناتهم البشرية وانتماءاتهم السياسية ومشاربهم الفكرية ، لأن أمثال أولئك لايحملون في قلوبهم حب الوطن ، ولم تعد تهمهم المعاني الإنسانية أو تؤثر فيهم القيم الإنسانية ولم يعد يردعهم الخوف على حياة الأبرياء من الناس ، لأن الصلة بالله العظيم يبدو أنهم فقدوها ، ولذلك كل طرح لهم لايعبر إلا عن السموم القاتلة للمجتمع ، لأن وحدة المجتمع ليست الهدف الذي يسعى ذلك البعض إلى تحقيقه ، ولكن تمزيق المجتمع وإشاعة البغضاء والأحقاد وإثارة الفتنة بين مكونات المجتمع هي الرغبة المطلقة لديهم. الواقع إنني لم أفاجأ بمثل تلك الأفعال والأقوال المخلة بالسلوك الإنساني، لأن ذلك يكشف حفيظة من يريد الدمار للبلاد والعباد ، ولكن المفاجئ المخيف هو الحوار الذي دار بيني وبين احد المغرر بهم من البسطاء من الناس الذين لايدركون حقيقة تلك المقولات. أن يعتقد في مثل أولئك النبوة والرفعة ولم يدرك الغدر بالمجتمع والنكاية بالوطن، ولذلك فإن المرحلة المقبلة من الوفاق الوطني تتطلب بذل المزيد من التنوير والتوعية وإبراز أهمية الوفاق الوطني والتحرر من زخرف القول والغواية العدوانية على وحدة المجتمع وذلك مسئولية جماعية ينبغي القيام بها خدمة للدين والوطن الإنساني بإذن الله .