•في أرض من الأراضي الخصبة لمديرية جبل حبشي الممتدة والواسعة ،وبالأخص في منطقة يفرس يرقد ولي من الأولياء الصالحين العالم التقي أحمد بن علوان في جزء صغير من مساحة جامعه الأكبر الذي أقيم على التقوى والصلاح وتخرج منه العديد من علماء الدين ،وكان منارة علمية تشد إليها الرحال للتزود من علوم مقيمه التقي النقي الزاهد الإمام أحمد بن علوان ..، ومن بعده من تتلمذوا على يديه وساروا على علمه ونهجه.. في هذه الأرض الطيبة والتي باركها الله العلي القدير بالإمام العالم ابن علوان، بنوره وروحانيته ،وبعلمه الذي وصل للآفاق حتى غدا علماً من أعلام الأمة الذين يشار إليهم بالبنان .. في هذه الأرض يستلفت الزائر إليها جامع ابن علوان بمنارته وقبابه الرائعة وبنائه الذي يحكي جزءاً من تفاصيل العمارة اليمنية الأصيلة الضاربة في أعماق الأرض والتاريخ.. •جامع أحمد بن علوان .. الزائر إليه اليوم يتوقف بعقله وقلبه وبكل حواسه أمام مكوناته وأقسامه المتعددة التي كانت في أيام خلت فصولاً دراسية لتلقي العلوم ومأوى وسكناً لمن هاجروا إليه بحثاً عن علم الإمام وبركة ولي الله العالم الجليل أحمد بن علوان.. يتلبسك وأنت تجول في أركانه ومساحاته الفسيحة شيء من الرهبة الإيمانية ،وكأنك تقف أمام تاريخ كتبت حروفه بلغة نجهل عنها اليوم الكثير الكثير..، ونتمنى معها عودة التاريخ إلى الوراء قليلاً ،لنعيش تفاصيل الرحلة الإيمانية التي أوصلت إمامنا إلى هنا.. إلى جامعه وقلعته العلمية الزاهية بنور الإيمان .. •ومع ما يتلبسك من إيمان ورهبة.. يتلبسك أيضاً الألم والحزن والقهر للحال الذي وصل إليه الجامع اليوم ..،بسبب الإهمال الذي يعيشه .. وبسبب الخراب الذي وصل إلى أجزاء منه ويكاد يقضي على ما تبقى من تاريخ يسكننا ونسكنه.. ونعيشه إيماناً في القلوب والعقول معاً.. حزن ووجع وألم يصاحبك منذ زيارتك إليه ويرفض مغادرتك حتى وأنت بعيد عنه ..مكاناً وزماناً.. الأيام والشهور تمضي.. وصورة الجامع تسوء أكثر وأكثر.. تشققات تتسع ،وجدران أوشكت على السقوط..، وخراب لا يتوقف إما بفعل الطبيعة أو بفعل متعمد من قليلي الإيمان المسكونين بالخراب والفوضى.. •يخلو الجامع اليوم من الخدمات الرئيسية التي ينبغي توافرها في أي جامع.. فما بالنا بجامع أحمد بن علوان المبني منذ أكثر من 550 عاماً وكان في الوقت نفسه مدرسة تنويرية لتلقي المعارف والعلوم الدينية ..، ولا يقل شأناً عن مدرسة وجامع العامرية في رداع.. الكهرباء لاوجود لها.. والمياه التي كانت تصل إلى الجامع من ساقية على بعد 350 متراً منه انقطعت بسبب بعض الأيادي التخريبية التي تسببت بردم الساقية واندثارها..، وحرمان الجامع من المياه؟! والجامع أساساً يعد واحداً من الجوامع التاريخية القليلة التي مازالت قائمة منذ أمد بعيد، وأحد الأمكنة التي تستهوي الزيارة من السياح القادمين من محافظات أخرى أو من دول شقيقة وصديقة، وبقاؤه بصورته المرسومة حالياً فيه إساءة لتاريخنا، وفيه إساءة لعالمنا الجليل الإمام أحمد ابن علوان ،وفيه إساءة أيضاً للسياحة التي نعمل جاهدين على الترويج لها في الوقت الذي لا نهتم بترميم معالمنا وآثارنا السياحية. تساؤلات عدة تبحث عن الواقع الذي يعيشه الجامع اليوم.. عن الترميم المنتظر لأجزائه كافة منذ سنوات مضت.. وعن هذا الموقع الديني والسياحي المسكون بالروعة والدهشة.. وبروح إمامنا وعالمنا الجليل الفاضل أحمد بن علوان.