قالت لي احدى المثقفات التي تعمل في أحد فروع الإبداع، بعد السؤال عن الصحة والأسرة، بألم وحسرة لما عليه الحال ومن استشعار وطني بأن هناك حب الوطن عند الجميع وإن كان تعبير البعض غير صحيح ولكن تنطبق عليه مقولة: ومن الحب ماقتل وعبّرت عن استغرابها لذلك الشيء والاعتقاد بأن تصرفات الاستقطاب والانحياز لاتعني السواد الأعظم من الشعب اليمني وعلى أولئك أن يدركوا أن السواد الأعظم ليس طرفاً حزبياً أو محتملاً للاستقطاب فالوطن هو أكبر ومحبته أشمل من غزل حزبي لأي حزب كان تجاه السواد الأعظم الذي هو الوطن، قالت لي هذه المثقفة المخضرمة فهي مالكة إرث ماقبل الوحدة وحملته على كفيها الخبيرتين إلى ديار الوحدة باحتياجات ومعاناة الوطن والتشطير ثم قالت: لماذا يفصلونا جغرافياً ويسقطون ذلك ترغيباً وترهيباً ويفرزون على الهوية المكتوبة في البطاقة الشخصية أو الهوية الشفاهية وكأن عقولهم لاتدرك خلفيات الأجداد التي ستحبط تفكيرهم وتآمرهم عندما لاتسير رياح أوهامهم كما يشاؤون وإذا بالجينات تخيب ظنهم فالجينات تعني اليمن في كل مراحل ونشأة الفرد اليمني وتنشئته عبر قرى وفيافي الوطن ثم قالت: ولماذا كل هذا الحفر والدس أليست الوحدة هي الأساس وعفا الله عما سلف من الأحقاد والضغائن أما كان عليهم بدلاً من أن يتداعوا لبعضهم بل ويدعو السواد الأعظم للشعب ولايسقطوا ذاتهم الحزبية عليه لماذا يجيرون الوطن بعد أن شبعوا من خيراته واليوم يبحثون ويبررون خطاياهم ويبحثون عن شماعة. تكلمت زميلتي كثيراً وتنهدت ثم ابتسمت قائلة: ماذا لو تم إعلان جماهيري بتأسيس حزب وطني مستقل لايعتمد على ميزانية من الدولة أو على دعم زيد أو عمرو، حزب يعتمد على أهداف الثورة اليمنية ولايطلب دعماً مادياً أو معنوياً؟ قلت لها: ألا يكفينا أكثر من (20) حزباً وتنظيماً سياسياً وكم هم ضاغطون علينا نحن المواطنين والذين تصرف لهم الحكومة ميزانية بحكم الدستور الذي نص على التعددية السياسية والحزبية. قالت: أنا أقصد أن هذا التشكيل علّه يخيف هؤلاء ويدركون أن السواد الأعظم غير متحزب، فلماذا لايسأل هؤلاء، السواد الأعظم عن رأيه في أدائهم لا أن يجيروه لصالح الحزب(س) أو الحزب(ص) لماذا لايدركوا حقيقة الوعي الجماهيري الوطني المستقل ولماذا لايسألوه ويحاوروه فهو له وجهة نظر منهم. حقيقة كان كلامها ناقوساً لأن 20عاماً من والوحدة يعني وعياً تبلور وتراكم ورؤى تحتاج لتنبيه تفكيرنا وخلق حوار لاستشراف المستقبل للحياة السياسية والعامة التي تشهد احتقانات ستذوب لاشك وتتحول إلى عطاء وطني على صخرة الحوار إذا ما افترضنا أن لأحزابنا الكبيرة والصغيرة من الوطنية ولكن تعصبها الحزبي جعلها تغني على ليلاها من المكاسب الحزبية وما نأمله أن الوطن أكبر من ليلى مع محبتنا لها كونها أغنت ساحة الحب والشعر ولكننا أمام وطن بحجم بلقيس وأروى فنحن نريد أن ننعم بالأمن والطمأنينة في يمن الوحدة والديمقراطية.