ذهب بعض الباحثين إلى أن بداية القرن الحادي والعشرين سيفقد الجواسيس وظائفهم، فالتقدم التكنولوجي كفيل أن يسد هذه الحاجة. فهناك الأقمار الصناعية التي تكتشف كل صغيرة وكبيرة, وهناك الهاتف الجوال، وهناك علم الاتصال بكافة أشكاله وأنواعه. الجاسوس يكلف الطرف المستفيد عشرات الألوف من الدولارات مصاريف حركة ورشوات, ومنزلاً مؤثثاً وسيارة أو سيارات, وربما سكرتارية. بالفعل تقدم علم الجاسوسية، فكثير من ما يسمى بحركات المجتمع المدني أو مؤسسات هي التي تقوم بتقديم الدراسات والاستشارات, بل والجاسوسية. وبعض أساتذة الجامعات بدافع الحاجة والفقر وعدم الشعور بالانتماء الوطني يمكنهم تقديم الدراسات بحسب الطلب, وربما تكون هذه الدراسة أصدق لأن الباحث الوطني يعرف البلد وأهله وحركته وثقافته ومزاجه وأخلاقه... إلخ فهو لذلك يقدم دراسة موضوعية. تدور حرب الجواسيس بين أمريكاوروسيا بالرغم من انتهاء الحرب الباردة, وقبل اسبوع اكتشفت أمريكا دبلوماسيين روس يقومون بالتجسس فاعتقلتهم، وقامت روسياوأمريكا بتبادل الجواسيس على مرأى ومسمع من العالم. وفي لبنان ضبط حزب الله بالتعاون مع الحكومة اللبنانية بعض جواسيس يتعاملون مع الكيان الاسرائيلي. ومن البدهي أن يكون هناك جواسيس لهذا الكيان في كل العالم, والعالم العربي بالذات, ولبنان على وجه الخصوص. فالقطر اللبناني يتماس مع فلسطينالمحتلة, وهو وطن المقاومة وسويسرا الشرق وبؤرة حركة المنطقة لما فيه من حرية وتسامح؛ سبق إلى المستقبل وسيظل لبنان منطقة سبق دولي واقليمي نظراً لموقعه والتصاقه مع أوروبا وعراقة تقدمه من عشرينيات القرن الماضي. أجهزة المخابرات تتقدم وتتجدد وتسعى الدول الكبرى لأن تستقطب كفاءات يتوافر فيها العلم والذكاء وأولاً وآخر الحس الوطني. ولا غنى عن الجواسيس الصغار، فمعظم النار من مستصغر الشرر؛ فقد يفيد البليد في بعض المواطن مالا يفيده الذكي الفهامة. غير أن المطلوب تفقد الجواسيس بين فترة وأخرى، وأن لا يكون حسن الظن بهم بشكل مطلق, فالثقة الزائدة قد تولد الجاسوس العميل الذي قد يدفعه طمعه وعدم إخلاصه لوطنه أن يقوم بدور مزدوج. وهكذا فلا غنى عن الجاسوسية البدائية رغم تطور تكنولوجيا التجسس.