لقد شكل المؤتمر الشعبي العام بقيامه وثبة مضيئة في تاريخ الحركة الوطنية اليمنية ونقلة سياسية هامة في الحياة الديمقراطية وإطاراً سياسياً وفكرياً نابعاً من روح عقيدة وتراث الشعب اليمني بكل فئاته وشرائحه ومستوعباً لمختلف القوى والأطياف السياسية والمجتمعية في الوطن, كما مثل إنشاء المؤتمر الشعبي العام منعطفاً هاماً في مسار العمل السياسي والاجتماعي المنظم انطلاقا من نظريته الفكرية ودليله العملي المتمثل بالميثاق الوطني ومضامينه ومفاهيمه العملية والتي تمثل في مجملها انعكاساً عملياً لمبادىء وأهداف الثورة اليمنية 26 سبتمبر و14 أكتوبر ومن الأهمية بمكان أن المؤتمر الشعبي العام منذ قيامة قد لعب دوراً كبيراً في ترسيخ البنية الأساسية للتجربة الديمقراطية المستلهمة من الواقع والنابعة من آمال وتطلعات الشعب بكل فئاته وشرائحه وأفراده . ومما لاشك فيه بأن المؤتمر الشعبي العام قد أسهم إسهاماً كبيراً في تعزيز التعددية السياسية التي تشهدها الساحة الوطنية وذلك من خلال المحطات الرئيسية أو المراحل الزمنية التي شهد فيها المؤتمر الشعبي العام عدداً من التطورات الهيكلية والبناء التنظيمي حيث شهدت مرحلة ما قبل التعددية والممتدة من 24 أغسطس 1982م حتى 22 مايو 1990م تطورات شكلت أساساً متيناً لبناء الهياكل التنظيمية للمؤتمر الشعبي العام لتأتي التطورات خلال مرحلة التعددية السياسية من 22 مايو 1990م حتى اليوم وتعطي مؤشرات واضحة على مرونة تكوينات البنية التنظيمية للمؤتمر وقدرتها على التكيف مع مستجدات الظروف التي أفرزتها متغيرات بيئتها الداخلية والخارجية . إن الثقافة الديمقراطية التي تكونت منذ البدايات الأولى لإنشاء المؤتمر الشعبي العام أهلته كي يستطيع من خلال هذه الممارسة تقبل النقد وتوجيهه بطريقة ديمقراطية , فالمؤتمر الشعبي العام يعي تماما أن النظام السياسي لأية دولة لا يقتصر فقط على الحزب الحاكم وإنما على كافة الأحزاب والتنظيمات والقوى السياسية , ومازال المؤتمر الشعبي العام يعلن في كل مناسبة سياسية أو وطنية بأن المعارضة هي رديف السلطة , وهو بهذا يؤكد تماما أن الارتقاء بهذا الوطن مرهون بتعاون الجميع وبتكاتف أبنائه بالنقد والنقد البناء المبني على حقائق صحيحة. لقد انطلق المؤتمر الشعبي العام بعد تحقيق الوحدة وإعلان التعددية نحو ترسيخ وتجذير التجربة الديمقراطية وترجمتها من خلال التعددية الحزبية تشريعياً وعملياً لتصبح الديمقراطية واقعاً وممارسة حقيقية , وحرص المؤتمر الشعبي العام على العمل الوطني الذي من شأنه أن يرسي صرحاً ديمقراطياًً قادراً على الإسهام في بناء مجتمع ديمقراطي حديث إيماناً منه بأن تحقيق هذا الهدف لا يتأتى إلا بمشاركة مختلف القوى السياسية والمنظمات المهنية والمؤسسات المدنية في إدارة عجلة التنمية في الوطن. إن الأداء السياسي البارز الذي قدمه المؤتمر الشعبي العام في التعامل مع مستجدات الحياة السياسية ومتغيراتها بعد تحقيق الوحدة اليمنية ومن ثم ما أسفرت عنه النتائج التي أفرزتها صناديق الاقتراع في الانتخابات البرلمانية والوزن السياسي الذي أحرزه في انتخابات 1993م مروراً بالثقل السياسي للمؤتمر في انتخابات 1997م , وما أفرزته الانتخابات النيابية في أبريل 2003م, وبالتالي انعكاس تأثير وزن وثقل المؤتمر الشعبي على النظام السياسي وفقاً لنتائج تلك الانتخابات فضلاً عن دوره في ترسيخ البناء المؤسسي للدولة , وثقله في انتخابات المجالس المحلية 2001م ، 2006م ومواصلة مسيرة العمل الوطني في تكريس الأمن والاستقرار وبناء أسس الدولة اليمنية ومواصلة مسيرة التنمية على جميع الأصعدة السياسية والديمقراطية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأمنية والعسكرية وغيرها والعمل الدؤوب من أجل ترسيخ أسس دولة المؤسسات والنظام والقانون وتعزيز الأمن والاستقرار وتعميق الممارسة الديمقراطية وتجسيد مبدأ التداول السلمي للسلطة ونهج التعددية السياسية وحماية واحترام حقوق الإنسان ومشاركة المرأة وكفالة الحريات العامة والفردية.