لقد تميزت حكمة القيادة السياسية لفخامة الأخ – رئيس الجمهورية بحرصه الدائم في كل المواقف والقضايا الداخلية على تغليب صوت العقل واللجوء إلى أسلوب التفاهم والحوار ونبذ القوة والعنف وكما هو سلوكه ونهجه في التعامل مع كل القضايا العربية والدولية وغالباً ما سمعناه يقول في كثير من خطاباته وتصريحاته وأحاديثه لوسائل الإعلام المختلفة: أن كل مشكلة مهما كانت صغيرة أو كبيرة لا يمكن حلها بقوة السلاح والتدليل على ذلك بكثير من تجارب الصراعات والخلافات المحلية والدولية التي أودت بحياة الكثير من الرجال والنساء والشيوخ والأطفال وعدم انتهائها رغم ما خلفته من مآسٍ وآلام إلا بالتفاوض والحوار وقبول أطراف النزاع بالتنازل عن كل أو بعض ما كانوا يتمسكون به من أفكار أو آراء أو ادعاءات وغيرها. لذلك فقد سمعناه على الدوام يصرح ويقول: طالما أن الحوار والتفاهم والتفاوض هو السبيل الوحيد والحتمي لحل ومعالجة كل أوجه الصراع والنزاع حول أي قضية من القضايا فلماذا لا نلجأ إلى الحوار والتفاهم قبل القوة والعنف ولغة السلاح التي لا تثمر سوى المآسي والآلام وتعمق روح العداوة والبغضاء والكراهية وحب الثأر والانتقام ونقل هذه الظاهرة إلى من بعدنا ليتوارثوها جيلاً بعد جيل بدلاً من توريثهم ثقافة المحبة والوئام والسلام. ولولا هذه السياسة الحكيمة والرشيدة لفخامة الأخ رئيس الجمهورية طوال حكمه لكانت اليمن قد انزلقت في بحر من الصراعات والمنازعات ولترتب عليها أنهار من الدماء والدخول في حروب أهلية لا حدود لها لاسيما وأن ظاهرة الثأر والانتقام لا تزال متفشية وما زالت تتوارث هذه الظاهرة السيئة منذ عهود الحكم الإمامي البائد الذي عمل على ترسيخ هذه الظاهرة في أوساط الشعب اليمني بشكل عام وفي أوساط المجتمع القبلي بشكل خاص لضمان استمرارية التناحر فيما بينها وعدم التفكير في إبادة ذلك الحكم العقيم والتخلص منه لما كان يمارسه من سياسات تهدف إلى ضرب القبائل ببعضها وتسليط بعضها على البعض الآخر وإدخالها في دوامة من الحروب والصرعات والاغتيالات والتصفيات طيلة أيام حكمه لليمن والتي ما زالت آثارها حتى اليوم وإن كانت الثورة والجمهورية قد قضت على الكثير منها من خلال تكثيف مستوى التعليم والتنوير في أوساط التجمعات القبلية والتي أصبحت اليوم على مستوى عالٍ من العلم والمعرفة وتساهم في كثير من مجالات البناء والعطاء والمشاركة في السلطة والحكم وتشريع القوانين التي تحرم أعمال القوة والعنف وتدعو إلى حل كافة القضايا عبر الأجهزة الأمنية والقضائية المختصة بترسيخ دعائم الأمن والاستقرار في ربوع الوطن. وما من شك بأن كثيراً من الموطنين في الداخل والخارج على علم وإطلاع بكل ما مرت به بلادنا من أزمات ومشاكل وصراعات سياسية وقبلية وكيف أمكن لقيادتها السياسية التعامل معها بروح المسئولية والعمل على حلها ومعالجتها وإخماد نيرانها بالطرق السلمية الحريصة على حقن الدماء وصون الأرواح والحفاظ على أواصر الإخاء والمحبة لما فيه خير الشعب والوطن وتحقيق مصالحه العليا مع التمسك بالثوابت الوطنية للثورة والجمهورية والوحدة وضمان الحرية والعدالة والديمقراطية في تطبيق النظام والحكم والدستور. وهذا هو نفس الأسلوب الذي حرصت عليه القيادة السياسية في تعاملها الحالي مع أحزاب المعارضة الملتزمة بالثوابت المشار إليها وكذا تعاملها مع عناصر التمرد في صعدة وعناصر الحراك التخريبي في بعض مديريات المحافظات الجنوبية وقد تمثل ذلك في الدعوة الصريحة والشجاعة التي وجهها فخامة الأخ الرئيس إلى أحزاب المعارضة للجلوس على طاولة التفاوض والحوار لحل كافة الإشكالات والخلافات التي تعيق مسيرة التقدم والبناء والاتفاق على عدد من الإجراءات التي يجب التقيد والتمسك بها لتطوير نظام الحكم إلى الأفضل وإجراء الانتخابات في مواعيدها المحددة لضمان عدم حدوث أي اختراقات أو فوضى لإدخال البلاد في حالة من الفراغ الدستوري وبما يكفل التصدي لأعداء الوطن سواء تنظيم القاعدة أم الخارجين عن الأنظمة والقوانين وتحقيق أمن واستقرار الوطن وحرية وراحة المواطن ونبذ ما دون ذلك من الخلافات الفردية أو الشخصية الضيقة. ولما كانت تلك هي قناعة الرئيس القائد التي يؤمن بها كل مواطن وكل يمني فقد استجابت أحزاب المعارضة لصوت العقل وبادرت إلى تلبية نداء القيادة السياسية بزعامة الأخ علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية الذي أولى هذا الحدث جل اهتمامه وأشرف بنفسه على مراسيم توقيع المحضر التنفيذي لاتفاق فبراير 2009م بين المؤتمر الشعبي العام وأحزاب اللقاء المشترك للسير في الاتجاه السليم الذي رسمته القيادة للوصول بالوطن إلى كل ما يصبو إليه من التقدم والرخاء والأزمات والعيش الكريم لكل أبنائه الشرفاء والمخلصين ولتسود المحبة والوئام والخير والسلام للجميع.. قال تعالى(من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا) صدق الله العظيم