مما قيل عن السد العالي في مصر الذي افتتح في منتصف الستينيات من القرن الماضي أنه سيؤثر على البيئة في مساحات واسعة بين مصر والسودان نتيجة تكون البحيرة فوق الأراضي السودانية في معظمها والتي ألغت عدة قرى سودانية ومصرية من الخارطة ونقلت إلى مواقع أخرى على جانبي الحدود وباتفاق بين حكومتي البلدين بصورة ودية. وفي العراق قام الرئيس السابق صدام حسين بتجفيف الأهوار في جنوبالعراق من مياه نهري دجلة والفرات التي كانت تتوزع وتشكل مستنقعات ومزارع لأنواع من الأشجار التي تنمو بكثرة في المسطحات المائية، وأجبرت مدناً صغيرة وقرى على الانتقال إلى مساكن بديلة رغماً عنهم، وثارت حول المشروع آراء متناقضة منها ما اعتبر المشروع ثروة زراعية هائلة من المياه التي كانت تستقر ولاتنفذ إلى البحر في رأس الخليج في المنطقة التي تسمى شط العرب حيث يلتقى النهران ويرويان غابات النخيل ومزارع الحبوب والفواكه والخضروات والثروة الحيوانية. وآخرون اعتبروا المشروع كارثة بيئية وانسانية واقتصادية لأنه كما يبررون معارضتهم له لن يجلب الرخاء أو يحسن الانتاج الزراعي بالقدر الذي يضمن معالجة المتضررين من الأمراض ويعوضهم عن أراضيهم ومساكنهم وأبقارهم وأغنامهم مع أن تلك المياه جمعت في قنوات لها مصارف ومنافذ إلى الأراضي المستصلحة الواسعة ومازال الخلاف في الرأي حول المشروع مستمراً وقد لايتفق المؤيدون مع المعارضين في خضم الأوضاع الأمنية المتردية والفراغ السياسي الناجم عن عدم تشكيل حكومة عراقية جديدة منصرفة بحكم القانون والانتخابات التي جرت قبل ستة أشهر. وهناك دول كثيرة تعاني الآن إما من شحة الماء في عواصمها وريفها أو من تلوث تلك المياه في الأنهار الرئيسية والفرعية التي تستخدمها المصانع خاصة مصانع الحديد والصلب والغزل والنسيج والزئبق وأصبحت غير صالحة للزراعة أو الاستخدام المنزلي وقضت على أنواع كثيرة من الأحياء المائية وعلى المزروعات بصورة عامة. ويقال إن الصين تعتبر الدولة الأولى التي تدفع اليوم ثمن النمو الصناعي والاقتصادي والزراعي فيها باقامة السدود الضخمة على طول النهر الأصفر وتحويل الأنهار الأخرى إليه بحيث حُرم شمالها من التطور وانقلب إلى صحاري شاسعة بعد أن ينعم بالمياه النقية غير الملوثة، ويسود تخوف من اتساع الكارثة المائية من حيث الوفرة والنوعية ليس في الصين وحدها وإنما في دول كثيرة ترى كل منها أن ما تقوم به هو الصحيح وغيره ليس صحيحاً وإن انتقده آخرون كثرة. وفي اليمن يمكن القول إن سياسة حصاد المياه ستساعد على توفير متطلبات البيوت لعدة أشهر في حالة بناء خزانات أرضية وسطحية تملأ بمياه الأمطار بواسطة أنابيب تمد من أسطح البيوت إليها، أوفي السواقي إن كانت الخزانات لاسيما الكبيرة تقع تحت المرتفعات الصغيرة المحيطة بالمساكن، مع أن استغلال مياه الأمطار لهذه الأغراض قد ظهرت في عدد من المناطق والقرى الجبلية البعيدة عن منابع وآبار المياه مثل الأعروق والأغابرة في محافظة تعز، وأعتقد أن التركيز على حصاد الأمطار ستكون له نتائج جيدة عندما يتبناه اليمنيون في المناطق الجبلية بصورة خاصة.