لا أظن أن إنساناً وطنياً غيوراً تربى على حب الوطن، وامتزج ذلك الحب بالإيمان بالله قادر على السكوت والاكتفاء بالتفرج عندما يسمع التجريح في وطنه في أماكن ووسائل شتى، بل لا يمكن لوطني غيور أن يرى فعلاً مشيناً في حق وطنه، ويقف صامتاً كالآلة الصماء لا يحرك ساكناً، لأن الذين امتزج حب الوطن عندهم بإيمانهم بالله يعدون الوطن ديناً وعرضاً وشرفاً وكرامة من نال منها نال من دمه وعرضه وشرفه وكرامته ولايمكن لإنسان حر أن يكون سلبياً عند حدوث مثل ذلك الفعل المجرم شرعاً وعرفاً. إن الإنسان السلبي الإرادة وغير القادر على الدفاع عن دينه ووطنه وعرضه وشرفه وكرامته، لا يجوز أن يتصف بالإنسانية، لأن الإنسان خلقه الله سبحانه وتعالى في أحسن صورة وزينه بالعقل الذي به يميز بين الحرية والعبودية , بين الوطن واللاوطن , ولذلك فإن الفاقد لهذا الإحساس يعد عنصراً خاملاً لا قيمة له في مجتمعه عديم الفائدة يكتفي بفعل الآخرين ويرضى بإذلال الوطن وتهون عليه هويته الوطنية ويصغر في ذهنه الوطن وتنعدم عنده العزة والكرامة والأنفة ويعيش في وحل الارتهان الذي يقوده إلى بيع الوطن. إن ظهور عناصر شاذة في المجتمع لا تتمتع بالعزة والأنفة والشموخ نتيجة طبيعية لعدم التربية الوطنية السليمة، وبالتالي السلبية والتنازل عن الهوية الوطنية ليست أصيلة في الإنسان على الإطلاق بل مكتسبة من التربية السلبية، لأن الإنسان السوي يولد حراً شامخاً مؤمناً بالله ثم بالوطن وإيمانه ووطنه حياة وما دون ذلك موت، ولقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من مولود إلا ويولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه، أو كما قال صلى الله عليه وسلم. فالإيمان بالله وحب الوطن فطرة الله التي فطر الناس عليها، وغير ذلك عارض لا يتفق مع الإرادة الربانية , بل انحراف عن المنهج القويم، ولذلك ندعو الذين انحرفت بهم أساليب التربة اللاوطنية عن الصراط المستقيم العودة إلى جادة الصواب وأن يدركوا أن من ينال من الوطن إنما ينال من العرض والشرف والكرامة وعليهم في هذا الشهر الكريم أن يراجعوا أنفسهم ويغتنموا الفرصة لإعلان التوبة بإذن الله.