أخيراً وليس آخراً، لابد من الإشارة إلى أن كتاب «ثقافة القات في اليمن» لمؤلفه الدكتور عبدالله الزلب ليس معنياً بالرد على كل التساؤلات والتعاميم النمطية، خاصة وأن الباحث حدد سلفاً الهدف من الدراسة بوصفها مقاربة سوسيولوجية حول ثقافة القات في اليمن، حتى إن تقاطعها مع النواحي الاقتصادية والسياسية تأتي لخدمة العنوان الرئيس ومنهج البحث، وفي هذا الباب يمكن الإشارة إلى الحديث الدائم حول القات ونضوب الماء في حوض صنعاء كموضوع لا يتصل مباشرة بمنهج ومحددات البحث.. أيضاً التدابير المستقبلية التي يمكن اتخاذها في إطار صلاحيات الحكم المحلي، بحيث تتوفر في بعض الأقاليم بيئة طاردة للقات، وبهذه المناسبة أعتقد جازماً أن الشروع الفوري في تطبيق مرئيات الحكم المحلي كامل الصلاحيات من شأنه أن يوفّر منصة انطلاق حقيقية لمكافحة الظواهر السلبية، ليس فيما يتعلق بالقات فقط، بل في كل جوانب الإدارة والتسيير والمأسسة، وبما يؤدي إلى تعظيم الأفضليات، وتنمية التخصصات، وتسييج الوحدة بالتنوع، بوصفهما وجهين لعملة واحدة. لقد أضحى القات وجهاً كاملاً من أوجه الهرم الثلاثي الكئيب المُتشكّل من القبائلية المعجونة بالفساد، والسلاح المشتري كالوباء، والقات الذي ينتظم هذه المستويات . الحق أن هذه المستويات الثلاثة خرجت عن نطاق حضورها الطبيعي الرشيد إلى مستويات أخرى، فلا السلاح بيد الدولة حصراً، كما يفترض أن يكون الحال، ولا القبيلة تمثل المعنى العميق لأعراف الماضي الرشيدة، ولا القات نبات لإعادة إنتاج المعاني السامية كما كان الحال سابقاً . تلك هي الأبعاد الاجتماعية الشاملة لمعنى الزواج الكاثوليكي الراهن بين القات والسلاح والقبيلة المنحرفة عن ماضيها .