هذه الحكاية تروي الفرق بين (الذكاء والقوة) ففي أجمة استولى أسد عظيم الجثة، كثير الغضب، عالي الزئير على الغابة فروع المخلوقات جميعاً، فلم يعرفوا طعم الرقاد وفرض عليهم أتاوة من حيوانات الغابة، يتقدم بها رهط من كرمائهم كل يوم فيلقون بين يدي السيد الجبار أحد فلذات كبدهم من حيوان طري اللحم. وفي أحد الأيام ضحوا بين يديه بأحد الأرانب الجميلة الذي كان مضرب المثل في الجمال ودماثة الخلق والوداعة فالتهمه في لحظات، ولم يعقب وصرخ بالحضور أريد المزيد المزيد، تألمت زوجة الأرنب المفجوعة على زوجها الذي رسى في معدة الجبار فأرادت الانتقام، فقالت أريد منكم ياحيوانات الغابة أن تقدموني على طبقه في الوليمة القادمة، قالوا: أختنا الكريمة البارحة بزوجك تغدى وتريدين أن يتعشى بك اليوم إنه كبير علينا، ونحن في حزن مقيم كما ترين مع هذا الغشيم قاسي القلب، قالت لابأس عليكم ياأخوتي فقدموني، ولكن لي عليكم شرطاً بسيطاً، قالوا وماهو؟ قالت: إذا أنتم قدمتموني فتأخروا في إطعامي إياه هنيهة من الوقت، قالوا ما إلى ذلك من سبيل، فالجبار لايعرف الانتظار، ولسوف تسمعين زئيره يرن في جنبات الغابة، قالت هذا فقط ماأريده. تأملت حيوانات الغابة في وجه بعضها ثم أخذتهم الشفقة قالوا حسناً لك ذلك ولكن حذار من البطش، وفي اليوم التالي تقدم رهط الغابة الذليل إلى السيد الغضنفر بالأرنبة ولكن بعد تأخر على الغداء لم يتعوده، وكان ثائراً جائعاً تعصف به صورة جامحة من الغضب، فصاح بالأرنبة المرتاعة الواقفة أمام بيته ماأخرك عن غدائي أيتها المخلوقة الهزيلة قالت ياسيد الغابة هو أسد آخر اعترض طريقي ونال منك وقال ليس في الغابة سواي وأخبريه إني مناجزه، فقاتله. صرخ بأعلى صوته فتجاوبت جنبات الغابة الأربع أين هو دليني عليه، فقد أقسمت بالله إنني لن أقرب لحماً أو أهنأ بطعام حتى أرى هذا الذي تجرأ على حرمي ونال مني وتعرض لجام غضبي. ركضت الأرنبة الذكية بخفة ورشاقة بين يديه حتى جاءت بئر ماء هدأ الخيال على صفحة مائه فارتسمت صورة من يرى، قالت ياسيدي إنه هنا، إنه يتحداك. نظر الأسد مفتول العضلات قصير العقل إلى صفحة الماء فرأى رأساً عظيماً فصاح به ويلك اخرج أيها الجبان إن كنت تزعم إنك قاتلي، فكان الرأس يهتز مع كل غضب يستولي على الأسد حتى اشتد غضب الأٍسد فأعماه عن كل شيء ولم يعد يفكر سوى في كيفية النيل من الأسد الذي ينافسه على الزعامة، فلما لم يخرج قال حسناً إذاً أنا الذي سوف يأتي إليك ثم قفز قفزة هائلة وهو يقول أيها الجبان عرفت أنك ستتوارى عندما تقترب ساعة الحقيقة ولكنني اليوم سوف أجعلك درساً لكل حيوانات الغابة ولسوف اتغدى وأتعشى بك أنت هذه المرة. بعد القفزة الكبيرة صدرت أصوات شتى من قعر البئر، ولكن الغابة ارتاحت بعد ذلك من الجبابرة إلى حين فعاشت في حياة كريمة وقطع دابر القوم الذين ظلموا وقيل الحمد لله رب العالمين.