أثبت الأخ الرئيس في قمة “سرت” التي انعقدت مؤخراً أن اليمن عندما تتحدث عن الهم القومي العربي لا تتحدث من باب العاطفة ، كما يرى بعض المتحدثين, ولا ينطلق همّها القومي من باب الخيال الفلسفي الذي يحلّق في الهواء دون ان يجد قبولاً على أرض الواقع، بل إن الأحداث برهنت للقيادات العربية ان اليمن في سياستها القومية تتميز بالموضوعية والواقعية، وتلامس هموم وتطلعات الجماهير العربية ولم تتقدم إلى الجامعة العربية بمشاريع هامشية لا تخدم قضايا الأمن القومي العربي على الإطلاق .. وقد تبين للمنصفين ان مشاريع اليمن إلى القمم العربية أمينة ومسئولة وتتصف بالموضوعية والواقعية وتركز على المستقبل الذي ينبغي فيه ان يكون للكيان العربي فعل قوي في محيطه الدولي وأن يكون مؤثراً ويصنع الأثر الإيجابي وليس مجرد كيان هزيل يتأثر سلبياً بفعل الآخرين ذليلاً وخاضعاً. إن عزم اليمن الدائم وإصراره على أهمية الوحدة العربية ليس نابعاً من فكرة وهمية قائمة على الفلسفة الخيالية أو الرغبة في تحقيق المنفعة الذاتية وإنما نابع من نظرة قومية استراتيجية كبرى تحفظ للكيان العربي كينونته واستمراريته، وتحقق له قدرته العالية في التفاعل مع محيطه الدولي من مركز القوة والتمكين وتخرجه من حالة الذل والانكسار التي يعيشها اليوم, ولا أبالغ إن قلت إن اليمن بهذا التفكيرالاستراتيجي قد خلق وعياً قومياً متفاعلاً جماهيرياً على مستوى الشارع العربي، وإن البعد القومي الذي تناضل اليمن من أجله قد أحيا الأمل في نفوس أحرار الوطن العربي وأيقظ الضمائر التي كانت في سبات عميق وأشعل قناديل النور في طريق الوحدة العربية. ولئن كانت القمم العربية بدت عاجزةً عن الإقدام باتجاه صنع الحدث الأعظم فإن البناء العربي لبيتنا العربي الكبير يسير بخطى بطيئة ولكنها عظيمة، واللبنات التي يضعها الخيّرون في مداميك البيت العربي الكبير وإن كانت صغيرة إلا أنها متينة وتوضع في مكانها بأسلوب هندسي يمكنها من البقاء والصمود أمام عوامل التعرية حى اللبنة الأخيرة, ونحن على يقين بأن اكتمال البناء لابد قادم بإذن الله.