ظهرت الصحوات في العراق وبالتحديد في محافظة الأنبار قبل خمس سنوات تقريباً للتصدي للقاعدة التي قادها في العراق الأوسط ذو الأغلبية السنية الأردني أبو مصعب الزرقاوي بأيديولوجية لاتقل وحشية ولا عداءً للعراقيين سنة وشيعة ومسيحيين وتركمان وأكراد وآشوريين عن هولاكو المنغولي الذي أحرق بغداد بما فيها من نفائس وآثار ومعالم وشخصيات وزعماء قبائل وعلماء ومفكرين حتى أن نهر دجلة اكتسى اللون الأسود نتيجة إحراق مئات الآلاف بل ملايين الكتب ومكتباتها العامة والخاصة. وأبناء الأنبار لما رأوا أن هذا الوحش لافرق عنده بين الناس على اختلاف مذاهبهم وأديانهم بدليل أنه بدأ في حملته الإبادية عليهم, تغدّوا به قبل أن يتعشى ببقية العراقيين وإن كان قد أثبت بارتكاب جريمة جسر الأئمة في الأعظمية شمال بغداد وصولاً إلى تدمير حسينيات سامراء وتفجيرات كربلاء والنجف والكاظمية من منطلق أن الضحايا عراقيون والمعالم والتراث والآثار عراقية ولابد من الحفاظ عليهم وعليها وإن اشتدت الظلمات الخارجية والتحالفات الشعوبية الداخلية. وإنه مهما طال الزمان فلن يسمح الشرفاء الشجعان في العراق للمؤامرات أن تتجذر وتصبح في المستقبل واقعاً بقوة السلاح وتوغلات الصهيومسيحية في الشمال والجنوب مروراً بالوسط الذي يطلق عليه المثلث السني, وكان أول رئيس مؤقت بعد الاحتلال الأجنبي للعراق عام 2001م غازي الياور, وهو من الشخصيات السنية البارزة جداً في كل أنحاء العراق لتهدئة الخواطر وإعطاء انطباع بأن السنة لن توضع خارج الحكم ولو بالمشاركة العادلة مع الذين حملتهم الدبابات والسفن والطائرات من واشنطن ولندن وباريس وغيرها من الدول التي لجأ إليها الكثيرون لمجرد أن يقال إنهم كانوا يتعرضون للتهديد والتعذيب والقتل. فإذا ببعضهم ذهبوا للاستثمار بما كان لديهم من أموال إضافة إلى ما ربحوا من المساعدات والدعم المادي الذي كان يأتيهم من كل الدوائر المتآمرة على العراق منذ القدم وليس فقط منذ ثورة تموز يوليو عام 58 ورغم كشفهم من قبل الأمريكيين أنفسهم ومن السلطات الأردنية والسويسرية إلا أنهم مازالوا يجنون المليارات من الدولار واليورو. استطاعت صحوات العراق أن تقضي على القاعدة في حين فشلت أمريكا وحلفاؤها في اجتثاث هذه الجماعات الإرهابية, وكان وجودها يمثل أكبر خطر على العراق ووحدته الديمغرافية والجغرافية في المستقبل البعيد, فالعراقيون على وجه العموم لم ولن يسمحوا إلا أن يكون كما كان البلد الذي لافرق فيه بين كل من يحمل الجنسية العراقية فتسابقت أفواج المتطوعين من أبناء الأنبار تحت شعار الصحوات لقطع دابر الفتنة من الرأس وخاصة ذلك الإرهابي أبو مصعب الزرقاوي وعاد الهدوء والأمان لأبناء الأنبار ونينوى التي من ضمنها الموصل. فهل فكرت الحكومة ومعها السلطات المحلية في المحافظات التي انتشرت فيها جرائم القاعدة والانفصاليين بتأسيس صحوات كصحوات العراق تعمل جنباً إلى جنب مع الأمن والجيش للتخلص من هذه العناصر التي تحاول تمزيق البلاد والعباد شر ممزق على مدار الساعة بحيث يعم الأمن والاستقرار والوئام الاجتماعي أنحاء اليمن..؟