لم تأتي دعوة رئيس الجمهورية من أجل عقد صلح عام بين القبائل من فراغ، بل جاءت نتيجة طبيعية لتبني رئيس الجمهورية استراتيجية وطنية شاملة مبنية على أسس موضوعية لإنهاء مشكلة الثارات التي حصدت في بعض المناطق أرواحاً وطنية بريئة لا ناقة لها في ما حدث من فعل الثارات ولا حمل، ولأن رئيس الجمهورية يتابع هذه المشكلة المأساوية، وتصل إليه أحداثها المثيرة للحزن، فقد أكد على أهمية إنهاء مشاكل الثارات منذ وقت مبكر، ولكن الظروف التي تقف عائقاً في كل مرة يجدد الدعوة إلى ضرورة إنجاز هذه المهمة الإنسانية والوطنية، وقد سره كثيراً ما قام به أبناء محافظة الضالع من آل المرقب وآل جعفر في مديرية (دمت)، وأعتبر التوقيع الذي تم بين يديه نموذجاً إنسانياً ووطنياً ينبغي الاقتداء به، وحيا كل الجهود الوطنية والإنسانية التي بذلت في محافظة الضالع لإنهاء قضايا الثأر. إن السعي إلى إنهاء قضايا الثأر عمل وطني وإنساني لما لذلك الفعل من الأثر العظيم في النفوس الإنسانية البريئة، بل هذا الفعل الوطني والإنساني العظيم دليل على السلوك الحضاري والإنساني لدى الذين يقومون بإنجازه والذين يلتزمون به، ويعطي مؤشراً قوياً على درجة الوعي المعرفي الذي بلغته القبائل، ويؤكد أن التعليم وانتشاره في ربوع اليمن الكبير قد بدأ يؤتي ثماره، وأن المجتمع بات مهيباً لتنفيذ استراتيجية إنهاء قضايا الثأر بشكل نهائي بعون الله. ولئن كانت المبادرات الوطنية والإنسانية قد بدأت في كثير من المحافظات لإنهاء هذه الظاهرة الخطيرة في مجتمعنا اليمني، فإن الواجب على الكافة مساندة هذا الجهد الوطني والإنساني وتأييده، وبذل كل ما يمكن بذله في سبيل الوصول إلى يمن خال من الثأر، وهنا فإن على الجهات الإعلامية والإرشادية والتعليمية أن تخصص مساحات زمنية للحديث عن مخاطر الثأر على وحدة المجتمع ولإشادة بدور المخلصين الذين يقومون بإنهاء قضايا الثأر كواجب وطني وإنساني عظيم، وأن يقوم العلماء والمرشدون والوعاظ والخطباء بدورهم وواجبهم الديني لبيان مخاطر الثأر وموقف الإسلام عقيدة وشريعة من هذا الفعل المحرم شرعاً وقانوناً، لتتكامل الجهود وتتوحد الطاقات في سبيل انجاز هذه المهمة الوطنية والإنسانية التي أرقت حياة الأبرياء وأسأت إلى اليمنيين جميعاً ونحن على يقين بأن المجتمع على وعي بذلك بإذن الله.