مازال العمل الإجرامي الجبان والغادر الذي استهدف حياة شقيقنا الأكبر العقيد عبدالعزيز مبارك بوعابس وكيل رئيس مركز التسجيل بالمكلا مساء الجمعة قبل الماضية الموافق 22 أكتوبر 2010م؛ حاضراً في مشهد وذاكرة الأوجاع والأحداث المكلومة التي تزداد ألماً وحرقة, بانعكاساتها ومؤشراتها الخطيرة والمفزعة على سلامة ووئام المجتمع .. نعم .. خطيرة؛ لأن هذه الأعمال والأفعال الإجرامية الدنيئة مستمرة بل وفي تصاعد, وإن مرتكبيها يتوارون عن الأنظار, ويختفون في خلسة ولمحة بصر وكأنهم أشباح, أو أننا أمام مقاطع سينمائية من فيلم هندي “أكشن” على حد قول أحد الزملاء .. مفزعة بأساليبها وأدواتها الحقيرة التي قد تنكب مجتمعنا بأسره وتثقل كاهله وتدخله في أتون نفق لا يعلم أحد منتهاه. فالمستهدفون هم من خيرة الرجال الشجعان الأبطال وأشرفهم استقامة وخلقاً وتواضعاً والتزاماً وأداءً لواجباتهم بشهادة كل من عرفهم وتعامل معهم واقترب منهم وجاورهم وتعرف عليهم أو استنجد بهم, فلم يكونوا يوماً إلا مع الوطن والناس أجمعين، حماة لأمنهم واستتباب سكينتهم والحفاظ على ممتلكاتهم والسهر على راحتهم وصون أعراضهم, لم يكونوا متجبرين أو متعجرفين ولا متقاعسين, بل كانوا سباقين لاجتراح المآثر والسعي للخير والصلاح ومد يد العون والمساعدة للجميع . إن تلك الأعمال الإجرامية الغاشمة مستهجنة ومدانة من المجتمع كافة أفراداً ومؤسسات, ولا يقدم عليها إلا كل من تجرد من آدميته وخلقه ودينه .. فإلى أي طريق يقودنا إليه هؤلاء المجرمون القتلة .. أفلا يفقهون ويعلمون بأن سفك وإراقة الدماء محرم شرعاً بأمر ألهي.. وأن حبيبنا ومعلمنا عليه الصلاة والسلام قال فيما معناه: لئن تهدم الكعبة - وهي أعظم وأشرف بناء بني على ظهر المعمورة والمرتبط روحياً ومعنوياً بعقيدة المسلمين وتوجههم نحو قبلة واحدة في الصلاة - حجراً حجراً أهون عند الله من أن يراق دم امرئ مسلم واحد .. فنحن فعلاً أمام خطر داهم بمعطياته وشواهده, ولابد من مواجهته ودرء شروره .. وإن من تتسرب في نفسه ذرة اعتقاد بأنه سيكون بعيداً عن مرمى آلة الغدر والنذالة والخيانة لهؤلاء القتلة الأشرار فهو غافل أو واهم؛ لأن أمثال هؤلاء المجرمين لا يشكلون خطراً على المجتمع فحسب بل على الحياة الإنسانية والحضارية بشكل عام، فلا ضمير أو وازع ديني يردعهم, ولا عقل ومنطق يحتكمون إليه؛ فمشروعهم واضح وجلي هو الموت والدمار ونشر الفوضى والإفساد في الأرض وإيجاد المزيد من الأمهات الثكالى والأرامل واليتامى والأحزان والفواجع. إذاً المسؤولية كبيرة وجسيمة وتتطلب جهداً جماعياً ومشتركاً في هذا الوطن من قبل أفراده ومؤسساته كافة للتصدي لهذا الإجرام ومواجهته واجتثاثه من الوجود، وعلى المؤسسة العسكرية والأمنية دور أساسي في أن تنهض بواجباتها الوطنية لتخلص المجتمع من شرور هذا الحقد الأسود على الناس والمجتمع والوطن وكذا قطع دابر الفتن والمشاكل وخصوصاً وقف العبث والاستهتار والانفلات الأمني الظاهر للعيان وتحديداً وضع حد لحالات التقطع والحرابة المتكررة في طريق (المكلاعدن) التي زادت حدتها في الآونة الأخيرة بما تحدثه من ضرر اجتماعي مؤثر وفادح ناهيك عن نهب ممتلكات وأغراض السالكين لهذا الطريق. وفي هذه السطور نجدها مناسبة أن نحيي تلك الهبّة المخلصة من كافة شرائح المجتمع ومختلف قيادات السلطة المحلية في حضرموت ومؤسساتها المدنية والعسكرية والأمنية وأصحاب الفضيلة العلماء والنخب المثقفة والشخصيات الاجتماعية والأعيان وشيوخ القبائل وفعاليات المجتمع المدني كافة من سياسيين ومهنيين ومواطنين, الذين آلمهم ما يجري من عبث وظلم واستهتار بأرواح الأبرياء فرفعوا صوتهم لإدانة واستنكار جرائم الاغتيالات التي شهدتها محافظة حضرموت ومدينة المكلا على وجه التحديد, وفي الوقت الذي نثمن فيه الجهود المبذولة من قبل أجهزة الأمن المختلفة في تعقب المجرمين القتلة وإلقاء القبض عليهم والاقتصاص من أفعالهم النكراء، نأمل أن تتوج بنجاحات ساحقة على الميدان. ويتوجب الإشارة أيضاً إلى ضرورة إيلاء كل الاهتمام والعناية بأسر وأولاد الشهداء الذين طالتهم أعمال الخسة والغدر والإجرام ورعايتهم الرعاية الشاملة والكاملة تعبيراً عن الوفاء والعرفان لهؤلاء الأماجد الشجعان الذين لم تطل رصاصات النذالة والجبن أجسادهم الطاهرة إلا لأنهم كانوا أرقاماً وهاماتٍ سامقة في تعقب المجرمين والخارجين عن النظام والقانون. وأخيراً لا يسعنا إلا أن نقول الحمد لله رب العالمين القائل :( وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ * الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ * الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * ) ولا نامت أعين القتلة الجبناء المجرمين. [email protected]