فجعت مدينة المكلا خلال اليومين الماضيين بجريمتين شنيعتين هزتا أركان هذه المدينة الهادئة المسالمة, وهما الجريمتان التي استهدفت الأولى منهما حياة الصيدلاني محمد ناجي علي المرفدي, والأخرى ضابط الأمن الشاب الخلوق عبدالعزيز عبدالله باشراحيل وإرداءهما قتيلين برصاص الغدر والخسة والنذالة في أمكنة عامة، الأولى في ساحة العروض بكورنيش المكلا, والثانية في أحد الشوارع العامة المكتظة بالسكان في حي الصديق بمدينة المكلا .. هاتان الجريمتان يجب أن لا يمرا مرور الكرام خاصة وأنهما جعلتا المجتمع بشكل عام في حضرموت يضع يده على قلبه من المصير المجهول القادم والنفق المظلم الذي يُراد أن تدخل إليه – مكرهةً - وتغرق فيه بكل مؤشراته وشواهده المفزعة المليئة بالفواجع وحوادث الغدر والخسة التي تستهدف إزهاق الأرواح البريئة على الطريقة إياها .. وكما نعرف أن حضرموت بصفة خاصة قد شهدت خلال الفترة الأخيرة تراجعاً أمنياً وسجلت حدوث جرائم صادمة وشنيعة حيث لازال الحادث الإجرامي الغادر في منطقة خشم العين بوادي حضرموت الذي استهدف حياة العقيد علي سالم العامري مدير أمن الوادي والصحراء السابق, واللواء أحمد أبو بكر المدير السابق لفرع الجهاز المركزي للأمن السياسي بسيئون وصالح سالم بن كوير رئيس قسم البحث الجنائي في مديرية القطن ومرافقيهم لا يزال ماثلاً للعيان وشاهداً على مدى الحقد والقبح الذي يخطط له المأجورون والمجرمون والقتلة بمشاريعهم الشيطانية ومآربهم الدنيئة ورغباتهم الحقيرة التي تستهدف المجتمع بشكل عام لنشر الفوضى والانفلات فيه وبحيث لا يأمن المواطن على روحه وعرضه وممتلكاته . لقد ذكّر عدد من خطباء المساجد بمدينة المكلا في خطبتي الجمعة الماضية بمخاطر ما هو حاصل من انفلات أمني وخاصة ما يشهده طريق عدن - حضرموت الساحلي من تقطع ونهب للأموال وترويع للآمنين على مسمع وبصر الجميع دون وازع من دين أو خوف من سلطة أو رحمة لضعيف ومسكين, حيث حذر فضيلة الشيخ العلامة أحمد بن حسن المعلم_ رئيس منتدى المعلم الثقافي الاجتماعي رئيس مجلس إدارة جمعية الحكمة اليمانية الخيرية بحضرموت في خطبته بجامع خالد بن الوليد بمدينة المكلا، حذر من التهاون مع هؤلاء ومصالحتهم والعفو عنهم وإنه إن لم يواجهوا بالحزم ويُقطع شرهم فإن الطريق لن تأمن, ولن يسلكها أحد والسكينة لن تتوفر, والاقتصاد لن يزدهر, والاستثمار لن يستقر, ورؤوس الأموال ستهرب وتعود إلى خارج البلاد.. كما استغرب أصحاب الفضيلة العلماء من الدور الضعيف للمسئولين وعدم مجابهة هذه العصابات بقوة وحزم، مذكرين إياهم بأن المسؤولية والسلطة ليست إلا أمانة في أعناقهم سيسألون عنها يوم القيامة كما وصفها الرسول صلى الله عليه وسلم: ( أولها ملامة وثانيها ندامة وثالثها عذاب يوم القيامة إلا من عدل ). في الوقت ذاته دعوا الحكومة لرفع المعاناة التي بلغت ذروتها عن كواهل الناس وتدارك الأمور قبل أن تنفرط، وتغيير السياسات التي أثبتت فشلها والعادات السيئة التي أصبحت متحكمة في مرافق الدولة واستغلال الإمكانيات وعوامل القضاء على هذا الانفلات وإزالة هذه الاختلالات، وكل ذلك يريد إرادة صادقة واستغلالاً للإمكانات والعوامل المتوفرة, مشيرين إلى أن إقامة حكم الله بحزم وصرامة وشمولية التنفيذ هو الحل لأزمات البلاد, بينما التردد في التنفيذ وغياب المبادرة وضعف أجهزة الدولة من أمن وقضاء هو الدافع لتزايد العنف والتخريب والتقطع والاختطاف والقتل الذي أصبح ظاهرة مزعجة، ولو أن حكم الله أقيم ونُفذ في حق المتقطعين في مأرب والجوف وصعدة وغيرها من المحافظات لما تجرأ غيرهم على قطع الطرق في شبوة أو أبين أو حضرموت . ولاشك بأن مثل هذه الجرائم النكراء تستدعي الأجهزة الأمنية بكافة مسمياتها إلى رفع يقظتها وجاهزيتها في التصدي لها بحزم وصرامة وتحمل مسئولياتها في حفظ الأمن والاستقرار والسكينة في المجتمع , كما أنه يتوجب على الجميع مواطنين ومؤسسات مدنية المزيد من التعاون ومساندة هذه الأجهزة في أداء عملها ونجاح مهامها في مكافحة الجريمة قبل وقوعها وتعزيز هذه العلاقة واستشعار الجميع بأن مسئولية الحفاظ على الأمن والاستقرار تهم الجميع سلطة ومعارضة ومواطنين ..كما يتطلب من العلماء والخطباء والمثقفين والإعلاميين القيام بدورهم ورسالتهم في تبصير المجتمع بما يحاك ضده من جرائم بما في ذلك توضيح وفضح الأهداف الشيطانية لأوكار الأجرام والتآمر. [email protected]