هناك في بلادنا “تجار” قد تخصصوا في استيراد كل ماهو قبيح في صنعه ومادته وشكله وعدم فائدته بحجة أنها سلع رخيصة!! فهل يعلم أمثال هؤلاء أنهم يرهقون عملة بلادهم؛ لأنهم يدفعون قيمة هذه السلع بالعملات الأجنبية, وليس بالعملة المحلية.. فما حاجتنا بالله عليكم لهذه البضائع المكدسة في الأسواق على هيئة ملابس ولعب أطفال وأدوات اليكترونية وسلع ركيكة أخرى باسم أدوات أو لعب لاتفيد الصغار ولا الكبار, لاتنمي عقلاً, ولا تصقل موهبة, ولاتستثير فضولاً أو إبداعاً, فلماذا الخسارة إذن في وقت نحن أحوج مانكون فيه لتوفير الضروريات؟ وهناك تجار آخرون تخصصوا في استيراد السيارات المستعملة أو “الخردة” كما لو كانت بلادنا مستودعاً للنفايات.. مركبات من نوع الباصات أو غيرها لاتقوم إلا “بدهفة” بعد أن تكون قد كتمت أنفاسنا وأعمت أبصارنا واستحثت نزول المخاط مدراراً.. فلماذا يحصل كل هذا؟ ماذا يحدث لو تم منع مثل هذا الاستيراد الضار بالعملة والبيئة والمصلحة العامة؟ ماذا يحدث لو تم إحالة التاكسيات “الخردة” “والمدخنة” إلى التقاعد ومعها كل المركبات “الخردة” التي لاتتحرك إلا بعد أن تكون قد أصمت آذاننا وعكرت أجواءنا وأفسدت بيئتنا.. سوف ترتاح البلاد والعباد وسوف تقل الحوادث ويقل الزحام ويقل اكتظاظ الشوارع والأحياء بهذه المركبات, الذي أخذ أعدادها يتزايد يوماً بعد يوم فيكاد عددها يطغى على عدد المحتاجين لركوبها لو حدث ذلك.. سنجد أن هناك من يملؤون الدنيا عويلاً وصراخاً قائلين: وأين يذهب هؤلاء الشباب؟ فإذا صارحتهم بالحقيقة في أنهم لايهمهم أمر الشباب مثلما تهمهم مصالحهم الأنانية.. يتهمونك ويلصقون بك كل نقيصة.. أما إذا قلت لهم: إن الأرزاق بيد الله, وأن الله تعالى لايجعل رزق أحد من خلقه سبباً في إيذاء بقية خلقه أو قلت لهم إن تواجد هذا العدد الكبير من الحافلات الصغيرة والكبيرة مع الدراجات النارية يربك السير ويعطل حركة المرور، بالإضافة إلى الأضرار الصحية بسبب الزحام والدخان، رأيتهم ينظرون إليك نظر المغشي عليه. أما إذا قلت لهم: لقد تسببتم في تلويث البيئة حتى الطير في السماء، فالناس صاروا متوتري الأعصاب، معتلي المزاج, معرضين للإصابة بمختلف الأمراض مثل الربو والجيوب الأنفية, بالإضافة إلى أمراض نفسية مثل الكآبة وغيرها من شدة الإزعاج, إذا قلت ذلك فلا تلومن إلا نفسك فقد تحرشت بمن تفوق لسعتهم لسعة الدبابير. فأقسام الإسعاف في المستشفيات لاتكاد تتوقف عن استقبال ضحايا الدراجات النارية وضحايا الحوادث داخل المدن وخارجها. وبعد هذا: هل يجوز أن نتطرق إلى معرفة أسباب المشكلة بعيداً عن التظاهر بالحرص على مستقبل الشباب؟ ومستقبل العائلات ماذا سيأكلون ولماذا يجوعون؟ هل بالإمكان أن نتحدث بصدق وبدون مزايدات عن بعض الحلول؟ أم أن هذا الطريق مغلق فيه السير؟ تعالوا بنا، نلقي نظرة على وجوه الشباب والصبيان الذين يقودون الحافلات أو الدراجات النارية، نجدهم غير مهتمين بشيء، فهم ناقصوا تعليم ولياقة؛ لأنهم تسربوا من المدارس، ناقصوا تربية؛ لأنهم لم يجدوا من يربيهم.. نجد أخلاقهم ضعيفة وذوقهم ركيكاً ومتدنياً وسلوكهم في التعامل مع الآخرين لايجعلهم أهلاً أن ينتسبوا لأمة لها تاريخ مجيد وعقيدة شامخة، بل يجعلهم أهلاً للانتساب إلى “حظيرة الشيطان” الذي يدعو حزبه إلى الانفلات والتحرر من أي قيمة أخلاقية.. فيا أيها الحريصون على الشباب من البطالة والأسر من المجاعة، اعلموا أن الله قد أعدَّ لهم من الخير والعمل مايجعلهم أكثر عزة وكرامة ومنعة، ولكن الله يريدنا أن نحسن تربيتهم, أن نحسن توجيههم, وأن نكف عن المتاجرة بقضايا الشباب بحجة الحرص على توفير الأعمال من أجلهم, هناك تجار سيارات خردة يستوردون المتردية والنطيحة من دول الخليج, وهناك رجال في دائرة المرور يملك الواحد منهم عشرين دراجة وحافلة بعضها خردة وبعضها جديد “لنج” مستفيدين من وجودهم في إدارة المرور، فهم يعبثون عبثاً لامثيل له في إغراق سوق اليمن بالمركبات الخردة والدراجات النارية.. مستفيدين من وظائفهم ومواقعهم, وليس يهمهم أن تسوء صحة البيئة إلى أبعد حدود السوء.. ليس يهمهم أن يختنق الأطفال وهم يرضعون, أو هم يلعبون داخل بيوتهم أو خارجها، فالتاجر الرديء لايهمه شيء في الدنيا سوى مصلحته. وسائل المواصلات “الخردة” في بلادنا تزيد عن 50% فلابد من التخلص منها!! وإذا سألتم: كيف؟؟.. اسألوا الذين كانوا سبباً في دخولها البلاد!! فبإمكانهم إعادة تصديرها إلى غير اليمن، فهم لن يعوزهم تصديرها ماداموا قد احترفوا مهنة الاستيراد والتصدير سواء من أفراد المرور أو من غيرهم. أما الشباب الذين تتوهمون أنهم سيضيعون بدون هذه الوسائل الرديئة للمواصلات.. فاطمئنوا.. فإنهم سيولدون من جديد بأرزاق وأخلاق جديدة.