يعتقد البعض أن الشعب قاصر ومازال بحاجة إلى الأوصياء, دون أن يدرك أن الشعوب عبر مختلف المراحل هي التي تصنع الحياة السياسية والاقتصادية بقوة الإرادة. وأن الدولة هي نتيجة حتمية لوعي الشعوب, حيث إن الأفراد هم الذين يلتقون ويعملون على جمع إراداتهم من أجل صنع الدولة من خلال العقد الاجتماعي الذي صاغوه بإرادتهم الحرة والمستقلة ليفوضوا السلطة لهيئة حاكمة تحكمهم جميعاً بتلك الإرادة الكلية التي تجمعت في وعاء واحد، هو ما عرف في التاريخ بالعقد الاجتماعي, وما هو معروف اليوم في النظم السياسية المعاصرة بالدستور الذي يجعل الناس في حالة تساوٍ مطلق أمامه وأمام القانون. إن الإدراك الواعي لمعنى الإرادة الكلية هو الذي يجعل المرء خاضعاً للدستور والقانون, والجهل بذلك هو الذي يخلق حالة من الغرور لدى البعض، ويشجع البعض على الادعاء بحق الوصاية على الآخرين, ولذلك ينبغي القيام بالدور التنويري في أوساط الناس من أجل منع الادعاءات وكسر حواجز الخوف التي زرعها الأدعياء الذين يصورون للناس الوهم، ويحاولون جعله حقيقة من خلال ممارسة التخويف والترهيب التي يمارسونها على البسطاء من الناس. إن الأمانة العلمية تحتم على كل المستنيرين أن يقوموا بدورهم التنويري في أوساط الجماهير بما ينفع الناس، ويجلب لهم الخير العام، ويصون أمنهم واستقرارهم، ويعزز من الوحدة الوطنية، ويجعل منها القوة التي لا تقهر في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية, ويجعل من الشعب الصخرة التي تتحطم عليها الأطماع الاستعمارية, ويقود إلى صنع الحضارة الإنسانية وتخليد المجد اليماني, وأن يدرك الجميع أن ما صنعه الأجداد من المجد لم يأت إلا في ظل وحدة الإرادة وتماسك الجبهة الداخلية وإفساح المجال أمام المشاركة السياسية. إن الانتخابات النيابية التي يصر الشعب على إجرائها في 27 إبريل 2011م هي الوسيلة الأولى للمشاركة السياسية التي تعطي الفرد الحق المطلق في الانتخاب والترشيح، وتجعل منه عنصراً فاعلاً في المجتمع, وهي التي تحقق الإرادة الكلية للشعب, ولا يجوز المماطلة أو التسويف في إجرائها في موعدها, وقد حان الوقت لهذا الاستحقاق بإذن الله.