يعتبر الجواب المسكت فناً من أرقى الفنون، وقيمته في فوريته وسرعته فهو دليل قوي على سرعة بديهة صاحبه وحضور ذهنه وقد كان الأديب الشهير جورج برنارد شو معروفاً بسرعة بديهيته وسخريته اللاذعة .. ومن هذه المواقف حين قال له كاتب مغرور: أنا أفضل منك، فإنك تكتب بحثاً عن المال، وأنا أكتب بحثاً عن الشرف فقال له برناردشو على الفور: صدقت، كل منا يبحث عما ينقصه!! وقد كان بشار بن برد شاعرا كفيفاً، فسأله أحد الثقلاء قائلا: ما أعمى الله رجلا إلا عوضه، فبماذا عوضك ؟ فقال بشار: بأن لا أرى أمثالك! ويروى أن رجلا قال لامرأته: ما خلق الله أحب إليّ منك ، فقالت : ولا أبغض إلي منك! فقال: الحمد لله الذي أعطاني ما أحب، وابتلاك بما تكرهين!. وقال رجل لبرنارد شو : أليس الطباخ أنفع للأمة من الشاعر أو الأديب؟؟ فقال: الكلاب تعتقد ذلك !! ومر خليفة عباسي ومعه وزيره بعجوز وهو على ظهر دابته وقد أصيبت عيناه بالرمد، فأراد الوزير أن يسلي الخليفة فقال للعجوز: أتريد دواء لعينيك؟؟ فقال نعم.. جزيت خيرا !!فقال الوزير: خذ بخار الهواء وغبار الماء واخلطه مع دخان الثلج واكتحل به ينفعك .. فانحنى العجوز من على ظهر دابته وأصدر صوتاً قوياً مزعجاً وقال: خذ هذه في لحيتك أجرة وصفتك.. وإن زدت زدناك. ذكاء المتنبي وقد ذكر أن المتنبي وأبو فراس الحمداني كانا في مجلس سيف الدولة الحمداني .. ولم يكن بينهما أي ودٍ يذكر .. بل كانت بينهما جفوة وقطيعة، وصادف أن كان في نفس سيف الدوله شيءٌ على المتنبي في ذلك المجلس .. وكان المتنبي يلقي قصيدته الرائعة في مدح سيف الدولة: وا حرّ قلباه ممن قلبه شبم ومن بجسمي وحالي عنده سقم مالي أكتّم حباً قد برا جسدي وتدعي حب سيف الدولة الأمم حتى وصل إلى قوله: أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي وأسمعت كلماتي من به صمم أنام ملء جفوني عن شواردها ويسهر الخلق جراها ويختصم فما كان من أبي فراس الحمداني إلا أن رمى المتنبي بدواة الحبر في وجهه، فضحك سيف الدولة لهذا الموقف .. فما كان من المتنبي (الداهية ) إلا أن أكمل قصيدته ببيت هو من أجمل ما قال المتنبي حيث قال : إن كان سرّكم ما قال حاسدنا فما لجرحٍ إذا أرضاكم ألم ودخل عالم في النحو على طبيب فقال له: إني أكلت من لحوم هذه الجوازل، فطسئت طسأة، فأصابني ألم في الرابية إلى دأية العنق امتد إلى الشراسف فهل عندك دواء؟؟ فقال: خذ شلفقاً وشلبقاً وشبرقاً، فزهزقه وزقزقه، واغسله بماء الماء وانقعه بماء روث.. فقال ما فهمت شيئاً !! , فقال الطبيب: لعن الله أقلنا إفهاماً لصاحبه!! فطنة الأديب نجيب محفوظ كانت الراقصة فيفي عبده تهم بركوب سيارتها المرسيدس الفاخرة، عندما مر الأديب نجيب محفوظ وهو راكب سيارة متواضعة للغاية فتوقف للسلام عليها فقالت: بص الأدب عمل فيك إيه !! فرد عليها نجيب محفوظ بسرعة: بصي قلة الأدب عملت فيكِ إيه !!. ما أجمل الفطنة وسرعة البديهة حين تلتقي بالثقافة وتمتزج بالتأدب والحكمة والأخلاق النبيلة!.