الروائي الأرجنتيني “جورجي أمادو” يعتبر أحد أهم قلاع الأدب الروائي في أمريكا اللاتينية، بل المُمهّد الأكبر لتيار “الواقعية السحرية” التي تربع على عرشها الكولومبي “غابرييل غارسيا ماركيز”. جورجي أمادو نموذج للروائي المُبحر في أزمنة إبداعية سردية متعددة، فنصوصه تنزاح بنا إلى عوالم الكلاسيكيات السّردية الروسية وخاصة عوالم الروائي الروسي الفريد “غوغول”، وفي تضاعيف نصوصه السردية يمكنك مُلامسة الأدب الملحمي الأوروبي، وبعض من فضاءات الواقعية السحرية في بواكير حضورها. ولأن “أمادو” يمثل هذه الطيوف بجملتها، فقد كان له مع النساء شواهد ومشاهد، ولسنا هنا بصد الوقوف تفصيلاً على نساء سردياته بتنوعهن الكبير، ولكن أمام عقيدته الاجتماعية التي ترتقي بالمرأة إلى مصاف الكائن القادر دوماً على مزاوجة العزم بالحسم والانتصار، ولعل نموذج رواية “كانكان العوام الذي مات مرتين” تمثيل عميق للذي أذهب إليه، ففي هذا النموذج نقف أمام الزوجة الصارمة الدقيقة والمثابرة على تنفيذ قواعد معاييرها الحياتية الأرستقراطية، كما لو أنها حائكة سجاد لا ينتهي تنفيذه إلا بنهاية عمرها الفيزيائي، الأمر الذي يتناقض جوهرياً مع طبيعة زوجها “الأبيقوري” المُتفلسف والمتطير أيضاً، غير أن طاقة الفلسفة تمنح هذا الزوج المسكين قدرة استثنائية على التبرير والصبر والتحمل، رهاناً على ابنته المحبوبة، ومثاله القادم .. لكنه ويا للحسرة، يكتشف بعد حين أن تلك الابنة الرهان لم تكن إلا صورة طبق الأصل عن والدتها، تجمع في ذاتها كامل الخصال الأرستقراطية المتعجرفة، والنظرة الدقيقة للتفاصيل، والقدرة على إدارة حروب باردة لا تتوقف . وللحديث صلة [email protected]