يتملكني شعور بالخوف الشديد حين أسمع أو أقرأ عن اختفاء طفل أو طفلة وأتذكر حالة وجدانية سيئة عشتها وأنا صغيرة خلال متابعتي لمسلسل مصري كان عنوان المسلسل (هند والدكتور نعمان ) بطولة الممثل المخضرم كمال الشناوي. كانت هند قد عانت من حالة اختفاء وتعرضت للتهديد بالقتل وعانت نوبات خوف مميتة ويبدو أنني تفاعلت معها كطفلة حتى عاش إحساس الاختطاف في إحدى زوايا الذاكرة. وكم أشعر بالألم حين أتخيل مشاعر الخوف التي يتسربل بها طفل لا يرى أمامه (ماما وبابا ) بل قد يرى وحوشاً آدمية تشغل براءته وتقذف بطهارة قلبه إلى أسفل قيعان البذاءة. ولو أن وحوشاً حيوانية تأكل هؤلاء الأطفال لكان الأمر ارحم ممن يأكل لحم عفافهم وسموهم ليطرحهم على مائدته أجسادا خاوية من رائحة البشرية، أين يختفي هؤلاء الأطفال؟ ولماذا لا يوجد لدينا جهاز أمني متحرك يضج بالديناميكية، أذكر أنني وجدت أحد الآباء الذين فقدوا أبناءهم فجأة في إحدى المكتبات العامة؟ وهو يعلن بمرارة عن طفله الضائع ومعلناً عن جائزة مالية عمن يجد الطفل وحين سألته عن دور الاجهزه الأمنية في الأمر تحدث عن إثقال كاهله بمصاريف ليس له بها طاقة من قبل بعض العناصر الذين كلفوا بالبحث عن الطفل وعندها صدقت المثل القائل (موت وخراب ديار ) في طفل ضائع يموت والداه حسرة ومبالغ مالية يستدينها الوالد كوقود ضروري لحركة البحث الأمنية التي من المفترض أن تكون مجانية. في بعض الحالات وبعد حركة بحث دؤوبة من قبل الأمن والأهالي يسجل الأطفال في عداد الموتى وتكون الآبار المكشوفة ومجاري الصرف الصحي هي المتهم الأكبر بابتلاع الأطفال بعد فقدان الأمل في الإصابة المرورية. إلا أنني أشعر بحدسي الصحفي وإحساسي الأموي أن هناك شبكات هي من يختطف هؤلاء الأطفال ليستخدموا في أنواع التجارة المحرمة أو على أقل تقدير استخدامهم كقطع غيار بشرية تنقذ أصحاب الأموال الذين ربما امتلكوا كل شيء ماعدا الصحة. وهنا تظهر قذارة البشر بجلاء حين يحسد مريضهم صحيحهم ويحقد غنيهم على فقيرهم، عندما لا يكون للغنى طعم ولا للصحة عندهم معنى أذكر بيتاً من الشعر نسيت قائله لكنه جميل لشرح مشاعر هؤلاء حيث يقول البيت : هم يحسدوني على موتي فوا أسفي حتى على الموت لا أخلو من الحسد وبالعودة إلى موضوع المختطفين من الأطفال فأنا أتساءل دائماً هل تقف منظمات الطفولة والمرأة والمجتمع المدني عامة بكل ما أوتيت من فلسفة حرفية غير مطبقة واقعياً عن التقصي والبحث ومساعدة أولياء أمور هؤلاء الأطفال؟ أم أن شهرة بعض الجرائم ضد الطفولة تنسي هؤلاء واجبهم الإنساني تجاه الأطفال والطفولة ؟, وهل يجب أن تغتصب طفلة أخرى أو تتزوج صغيرة من رجل عجوز حتى تقف الدنيا على قدميها ولا تقعد ليعود الحق إلى أصحابه؟. من يقف وراء اختطاف هؤلاء الأطفال، ومن يقف أمام توسلات الأهالي حين يتولون وأعينهم تفيض من الدمع حزناً لا يجدون ما ينفقون من غال أو رخيص ليروا فلذات أكبادهم الضائعة ولو للحظة واحدة على صفحة البلورة السحرية لعجوز شمطاء ... إلى متى يقف المال حائلاً بين الإنسان كجسد وروح ؟! إلى متى ينسي المال الإنسان إنسانيته ويسلبه إحساسه بالآخرين ؟ألا تستطيع الأقدار أن تخطف أطفالهم من بروجهم المشيدة كما اختطفت أطفال الآخرين وهم يبحثون عن الشموع حتى يضيئوا طريقهم المظلمة اعتقد أن المسألة ليست بحاجة إلى جهاز مخابرات عالمي لكشف مرتكبي هذه الجريمة لكنها بحاجة إلى إجراءات صارمة في حق المرتكبين ليكونوا عبرة لسواهم من ضعفاء النفوس وهي أيضاً بحاجة إلى قوانين تحمي الأطفال حتى من ظلم ذويهم وتفريطهم في حقهم من تعذيب وتشريد وتزويج وإرغام على مزاولة العمل في سن مبكرة والتكليف بمهام جبارة أكبر من أحجامهم الضئيلة بكثير. أنا لا أصدق أن لدينا طفولة آمنة في اليمن ومن يتأمل الأرصفة جيداً ويعلم حال الأزقة فعلاً يستطيع أن يحلل بصدق معاناة الكثير من أطفالنا الذين يشكون أحلاماً ليلية مزعجة!!!