يبدو أن الإصرار على إشعال نيران الفتنة من قبل بعض العناصر المحسوبة على القوى السياسية لم يعد نابعاً من الذات الحاقدة على الثورة والوحدة فحسب، وإنما تنفيذ لالتزامات مأجورة للغير، وإن الذين يصرّون على صب الزيت على النار لإشعال أوارها في أرجاء الوطن لم يعودوا قادرين على امتلاك إرادتهم، ولم يعد لهم حق اختيار القرار المناسب، لأنهم ارتموا في أحضان الغير، وقبلوا على أنفسهم أن يكونوا مجرد أدوات تحرّك من الخارج لتنفيذ مخطط التدمير ليس أكثر. ولذلك فإن تشغيل العقل وتفعيل الحكمة أمور مفقودة لدى هؤلاء النفر، وليس أمامهم إلا فعل ما يؤمرون دون البحث في الآثار الكارثية لنتائج أفعالهم الإجرامية، وقد أصبحت هذه الحالة واضحة لدى أولئك النفر, فهم لا يقبلون النقاش أو الحوار, وتجدهم في حالة من الجنون والقلق على عدم استغلال الفرص لإشعال الفتن، ولا يفرحون إلا إذا رأوا شراً مستطيراً بين الناس فينتشرون كالجراد في أوساط البسطاء لتأجيج الشر والفتنة. إن الإصرار على عدم الاستجابة لصوت العقل والحكمة دليل قاطع على فعل التدمير والتخريب، وعلى عدم الرغبة في الحياة الآمنة والمستقرة، ودليل جديد على وجود أجندة تدميرية لاستهداف الثورة والوحدة والديمقراطية في اليمن، وإن الذين لا يستجيبون لصوت الخير العام لا يمتلكون قرارهم، وقد قبلوا على أنفسهم أن يكونوا مجرد أدوات لتنفيذ الشر وتأجيج الفتنة وغرس الأحقاد والكراهية والتحالف مع الشيطان في سبيل الوصول إلى غاياتهم الشيطانية، وقد قلنا مراراً وتكراراً إن هؤلاء لا يؤمنون بوطن ولا يدين, وليس لديهم قيم أخلاقية، وحذّرنا من اندساسهم في أوساط القوى السياسية. إن المطلوب الآن وبعد أن تكشفت الحقائق وأسقطت الرهانات وسدّت الذرائع هو الوقوف أمام التصرفات الفردية لعناصر الحقد التي لم تعد تقبل إلا التدمير الشامل, ووضع حد صارم من القوى السياسية لمثل هذه التصرفات التي تمعن في إلحاق الضرر بالوطن ومكتسباته، ولابد من إعلان المواقف الوطنية الواضحة من كل فعل يستهدف الوحدة الوطنية والسلم الاجتماعي، ولابد من نبذ العنف والإرهاب والتطرف والغلو أينما وجد. ولا يجوز السكوت من الحكماء والعقلاء في أحزاب المشترك على تصرفات البعض التي تستهدف الثوابت الوطنية, وتساعد عناصر الحقد والكراهية المعروفة بعدائها لليمن، ونحن على يقين إذا صدقت النوايا فإن صوت الفتنة الناعق بالخراب سيصمت إلى الأبد بإذن الله.