هكذا خاطب الخال “ كريون” ابنة اخته انتيجون وهي تحاججه حول حقها في تشريف جثة أخيها “ بولينيس”، فيما كان كريون الحاكم مُصراً على أن تستوعب الحكمة من ترك جثة أخيها في الفلاة، تنهشها النسور الضارية بوصفه خائناً افتراضياً للملكة!!. انتيجون هي ابنة الملك « اوديب» .. تعود إلى ديارها بعد وفاة والدها الملك أوديب،وبالترافق مع تقاتل أخويها على العرش .. حيث تتحوّل مبارزة الشقيقين المتنافسين على الحكم إلى فتنة شاملة، فيتدخل خالهما «كريون» بعد وفاتهما مقتولين. لكن كريون لابد وأن يرتقي بمثابة بيت الحكم، ولابد من دفع الثمن، وهكذا جاء حُكمه المُخاتل لصالح أحد الأخوين ليُدفن معززاً مكرماً في جنازة مهيبة، بمقابل ترك جثة الآخر في العراء شهراً كاملاً والصاق تهمة الخيانة به دون أخيه !.يبرر كريون هذا الانتقاء كوسيلة لدرء الفتنة، فلايعقل أن يكون أشقاء بيت الحُكم خائنين للدولة، ولذلك لابد من تحميل المسؤولية طرفاً واحداً، وبمحض اختيار صدفي براغماتي تبريري. ترفض انتيغون هذا المنطق الملكي الجائر، وتعمل على نبش قبر لدفن أخيها المظلوم «بولينيس»، لكن خالها الملك كريون يحاول اقناعها بكل السبل، بما في ذلك تزويجها من ابنه العاشق لها «ايمون»، فترفض انتيجون هذه العروض كلها، وتجادل الملك. النتيجة تطبيق قانون الملك، واعتبار انتيجون متمردة تستحق القتل، وهذا ماكان، وبالترافق، ينتحر حبيبها “ ايمون” ابن الملك كريون !!. في هذه الملحمة الاغريقية نجد التضاد الناصع بين كريون الحاكم وانتيغون المُنصفة للحقيقة، في تعبير صاعق عن محنة الانسان في التعامل مع ازدواجية المعايير. انتيغون تمثل الحالة المثالية في الدفاع عن الحق المجرد، فيما يرى كريون أن قواعد الحكم وتدبير أمر السلطة يقتضي منه أن يعاقب دون وجه حق . [email protected]