علّمتنا الأحداث والفتن والمؤامرات التي حيكت ضد اليمن منذ فجر التاريخ القديم أيام الحضارة اليمنية القديمة والفارسية والرومانية أن اليمن بلد التسامح والوئام, وقد أثبتت تلك الأحداث أن اليمنيين أصحاب إرادة لاتُقهر ولاتُغلب على الإطلاق, فقد كان الرومان والفرس يتآمرون على الحضارة اليمنية ويسعون للانقضاض عليها وتدمير مقوماتها الإنسانية, بل أن اليمن كانت نقطة الاتفاق البارزة بين الرومان والفرس, ورغم ذلك التكالب إلا أن اليمن كانت صاحبة الإرادة التي لاتُهزم, وذلك لسبب وحيد وهو أن اليمن لم يكن ينوي شراً لأحد ولايرغب في استعباد أحد, ولايضمر شراً للإنسانية مطلقاً, وكانت راية الحب والوئام والتسامح الإنساني هي المسيطرة على الفكر الإنساني في اليمن, ولذلك كانت الإرادة اليمنية هي المنتصرة دوماً لأنها مستمدة من الإرادة الإلهية التي لاغالب لها. إن مايحدث اليوم من التآمر والتكالب على اليمن من الغرب والشرق لايختلف كثيراً عن ذلك التاريخ القديم, بل يمكن أن نجد الاختلاف في وسائل التآمر والتكالب فقط, أما الغاية فهي واحدة ولاتختلف باختلاف الزمان, والأكثر من ذلك كله أن اليمن مازال كما كان في التاريخ القديم لاينوي شراً بأحد, ولم يتدخل في الشئون الداخلية للغير ويرغب في السلام الإنساني الذي يحقق للإنسانية كلها الأمن والاستقرار والتعايش السلمي بين بني الجنس البشري, ومازال اليمن يؤمن بقيم التسامح والتصالح الإنساني ولايمكن أن يتراجع عن هذه القيم الرفيعة لأنها جزء من الإرادة اليمنية المستمدة من إرادة الله سبحانه الذي خاطب الإنسانية بقوله تعالى:«ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم»صدق الله العظيم. إن ماتشهده الساحة السياسية اليوم من التفاعلات المتناقضة التي زعزعت كل شيء في حياة اليمنيين كافة في الداخل والخارج واحدة من الشواهد الحية على ذلك التكالب والتآمر القديم على أمن واستقرار اليمن, ولكننا نقول: إن تلك الأحداث الدامية التي تنفذها أيادٍ مأجورة وآثمة استلمت ثمن عدوانها على الوحدة اليمنية لايمكن أن تنال من إيمان اليمنيين من الاعتصام بحبل الله مهما كانت ومهما أحدثت من التصدع داخل تكوين الجبهة الوطنية إلا أن ذلك الإيمان سيظل الصخرة التي تتحطم عليها آمال المتآمرين وستكون الوحدة الوطنية القوة الإلهية التي نواجه بها كل التحديات والمؤامرات بإذن الله.